الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من نظر لأخته وهي متجردة

السؤال

لي صديق نظر إلى أخته بشهوة وهي متجردة من الثياب، فرأته ولكنه أخبرها أنها كانت صدفة ثم تحسنت العلاقة بينهما، ولكنه يشعر بالذنب مما فعل ويشعر بتأنيب الضمير تجاه أخته التي من المفترض أن يسترها لا أن يكشف سترها، كما أنه يريد حلا لمشكلته لأنه يشعر أن في نفس أخته منه شيئا، وأيضا يريد أن يتوب ويكف عن ذلك لكنه يشعر أن الله غضبان عليه ولن تقبل توبته إلا أن يعاقب على فعلته، ولكنه لا يعرف العقاب أهو الجلد كما في حالة الزنا؟ ويشعر أيضا أنه ظلم أخته بالنظر إليها فكيف يرد هذه المظلمة؟.
وجزاكم الله خيرا لأني لا أعرف بم أجيبه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالنظر إلى عورة الغير ـ عدا الزوجة ـ لا يجوز مطلقاً، روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة. وقد ترجم له النووي في شرحه على مسلم بقوله: باب تحريم النظر إلى العورات.

وإذا كان هذا في نظر الرجل إلى عورة الرجل، ونظر المرأة إلى عورة المرأة، فكيف بنظر الرجل إلى عورة المرأة، وكيف إذا كانت المرأة إحدى محارم الناظر، فلا شك أن ذلك أعظم إثماً، وفيه انتكاس للفطرة، ومنافاة للأخلاق والطباع السوية، ثم إن مجرد النظر بشهوة لغير الزوجة حرام، ولو لما دون العورة، قال الشربيني: أما النظر بشهوة فحرام قطعا لكل منظور إليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته. اهـ
وقال ابن تيمية: كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ بِشَهْوَةِ. اهـ
وبالتالي فعلى الأخ المذكور أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل، وأن يكثر من الاستغفار والدعاء لأخته تحللا من حقها، ولا يشترط لصحة توبته ـ على الراجح ـ إخبارها بحقيقة ما قصد من نظره إليها، أو طلب العفو منها، لما قد يترتب على ذلك من مفسدة أعظم، وقد سبق أن بينا هذا في الفتوى رقم: 18180، فإذا صحت توبته وصدقت فإن الله تعالى يقبلها، وسيذهب ما في نفس أخته تدريجيا إن شاء الله تعالى خاصة إذا تاب توبة صادقة ولم يعد لما حصل منه مرة ثانية.

ثم ليعلم هذا الأخ أن الله كريم رحيم يقبل التوبة من عباده ويسامحهم بمنه وكرمه، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، فليبادر إلى التوبة وليحذر من اليأس والقنوط من رحمة الله، فإن ذلك ذنب آخر يحتاج إلى توبة، قال تعالى: حكاية عن إبراهيم عليه السلام: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}،

ولا يترتب على ما حصل منه شيء آخر غير ما ذكرنا من التوبة الصادقة المستوفية للشروط ، وراجع الفتوى رقم: 78925.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني