الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهم ما يقرؤه المبتدئ في: العقيدة، والفقه وأصوله، ومصطلح الحديث، والتفسير، والتجويد

السؤال

ما هي أهم كتب طالب العلم المبتدئ وشروحها في كل من: العقيدة، وأصول الفقه، والفقه، ومصطلح الحديث، والتفسير، والتجويد، وعلى أي مذهب يبدأ؟ وبماذا تنصحون من لا يستطيع الذهاب للدراسة على أيدي العلماء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففضل العلم عظيم، وأجر طلبه جليل، والحمد لله أن منَّ عليك أن حبب إليك العلم، قال تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ {الحجرات:7}.

وقال تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {المجادلة:11}.

قال ابن حجر: قيل في تفسيرها: يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم، ورفعة الدرجات تدل على الفضل، إذ المراد به كثرة الثواب، وبها ترتفع الدرجات. اهـ.

ولما قيل لعمر بن الخطاب في ابن أَبزَى: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل وعالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيَّكم صلى الله عليه وسلم قد قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين. رواه مسلم.

وقد قدم رجل من المدينة إلى أبي الدرداء، وهو بدمشق، فقال: ما أقدمك، أي أخي؟ قال: حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أما قدمت لتجارة؟ قال: لا، قال: أما قدمت لحاجة؟ قال: لا، قال: ما قدمت إلا في طلب هذا الحديث؟ قال: نعم، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء، لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به، أخذ بحظ وافر. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم.

أما ما سألت عنه: فنجيبك عنه باختصار قدر الإمكان:

أما في العقيدة: فننصحك بأن تبدأ بكتاب: أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة ـ ويسمى أيضاً 200 سؤال وجواب في العقيدة، لمؤلفه حافظ بن أحمد الحكمي ـ رحمه الله ـ ثم بالعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية فتقرأهما على الترتيب على شيخٍ ثقةٍ في بلدك عُرف بحسن الاعتقاد، ثم بعد ذلك اسأله أن يقترح عليك ما يراه مناسباً لك، وقد شرح الواسطية الشيخ ابن عثيمين شرحاً جميلاً ممتعاً مسجلاً بصوته، كتب له فيه البركة، لن يمله طالب العلم وقد طبع شرحه في مجلدين.

وأما في أصول الفقه: فابدأ بكتاب: الأصول من علم الأصول ـ للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وهو كتاب جميل مختصر في فنه، وقد شرحه الشيخ نفسه، وشرحه مسجل بصوته ـ رحمه الله ـ ثم الورقات للجويني، أو البلبل للطوفي الحنبلي على يد شيخ ثقة، ولعله تقام لهذه الكتب في بلدكم دورات مختصرة، فالتحق بها إن لم تجد من تقرأها عليه.

وأما في الفقه: فننصحك بالمذهب السائد ببلدك، وهو المذهب الحنبلي فيما نحسب، فابدأ فيه بكتابي الطهارة والصلاة من: دليل الطالب، لمؤلفه مرعي الكرمي ـ رحمه الله ـ على يد شيخ متمكن في تدريس الفقه الحنبلي، ولا تشتت نفسك بين المذاهب وتتبع الراجح في كل مسألة عند فلانٍ من المشايخ وفلانٍ الآخر، فإن هذا مرحلة متقدمة تكون بعد أن تدرس مذهباً معيناً وتضبطه، وهذه نصيحةٌ منا إن أردت طلب العلم على الجادة الصحيحة المجربة لقرون، وتخرَّج بها الفقهاء الجهابذة، وتجد الكتابين المذكورين مشروحين بالصوت والصورة على الشبكة العنكبويتة.

وأما في مصطلح الحديث: فابدأ بالمنظومة البيقونية، وحاول حفظها إن وجدت قوة في الحفظ، ثم كتاب: تيسير مصطلح الحديث: للشيخ محمود الطحان، ثم اجعل شيخك يختار لك ما يناسبك، وقد شرح البيقونية الشيخ ابن عثيمين بصوته.

وأما في علم التفسير: فعليك بـمقدمة في أصول التفسيرلشيخ الإسلام ابن تيمية، وقد شرحه الدكتور مساعد الطيار في مجلد، وأما في تفسير الآيات: فننصحك بتفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن.

وأما في علم التجويد: فانطلق إلى حافظ متقنٍ لعلم التجويد يعلمك إياه مشافهةً، ويقرر لك كتاباً يعرفه، ولا تنس مع ذلك المبادرة بحفظ كتاب الله، على أيدي المشايخ مشافهةً، إن لم تكن حفظته.

ونزيدك في علمٍ مهم لم تسأل عنه، وهو علم النحو والصرف، فننصحك بكتاب الأجرومية في علم النحو، وقد شرحه الشيخ ابن عثيمين شرحاً جميلاً مسجلاً بصوته، وقد طبع الشرح.

وكذلك ننصحك بقراءة كتاب: حلية طالب العلم ـ وهو في أدب الطلب وفضله، لا يستغني عنه طالب العلم، وقد شرحه الشيخ ابن عثيمين شرحاً ماتعاً جداً، مسجلاً بصوته، فاستمع إليه كاملاً.

وأما في علم الصرف: فاسأل شيخك الذي ستقرأ عليه أن يقرر لك كتاباً يعرفه.

وإن كنت تجد صعوبةً في الالتزام مع المشايخ لظروفٍ أنت أعلم بها، فلا غنى لك عن الجلوس جلسة جادة مع الأشرطة الصوتية المسجلة لشروح تلك الكتب وأكثرها موجود على موقع الشبكة الإسلامية بأن تخصص وقتاً لها، وتنظِّمَ لنفسك جدولاً مرتباً لا تكسلُ عنه، ولا يقفْ الشيطان حائلاً بينك وبين الطلب، ويوهمْكَ باستحالة تحصيلك العلم، فإن طلب العلم وإن كان طريقهُ ليس سهلاً مفروشاً بالورود، إلا أنه ليس مستحيلاً على من وفقه الله جل وعلا، وفي الصحيحين: حفت الجنة بالمكاره.

بل إن للعلم لذةً ستستشعرها ـ إن شاء الله تعالى ـ إن مشيت على الجادة المرتبة درجةً درجة، حتى يغدوَ طلب العلم جزءاً لا يتجزأ من حياتك، لا تستغني عنه كالماء والطعام، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني