الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في الوضوء بوجود وسخ تحت الأظفار

السؤال

لماذا كتبتم فتوى بأنه يلزم إيصال الماء تحت الظفر، وإذا كان تحته وسخ يمنع الوضوء؟ وهل هذا يعتبر تكلفًا أم لا؟
لأن الوسخ مما يمنع، أكيد ليس مهمًا إيصال الماء تحت الظفر، لو كان مهمًّا لصار الوسخ يمنع الوضوء, أصحيح؟
أريد دليلًا على أنه يجب إيصال الماء تحت الظفر حتى لو طال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما تحت الأظفار هو من ظاهر البدن، ومن ثم فإيصال الماء إليه واجب سواء طالت الأظفار أو لا، ودليل ذلك أن الله أوجب غسل اليدين إلى المرفقين، وهذا من جملة اليدين إلى المرفقين، فوجب غسله.

وأما ما يكون تحت الأظفار من وسخ: فقد أوجب كثير من أهل العلم إزالته ليصل الماء إلى ما تحته، وسهل بعض أهل العلم في هذا الوسخ؛ فلم يروا بطلان الطهارة مع وجوده لمشقة الاحتراز وعموم البلوى، قال النووي في شرح المهذب: ولو كان تحت الْأَظْفَارِ وَسَخٌ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ لِقِلَّتِهِ صَحَّ الْوُضُوءُ، وَإِنْ مَنَعَ فَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ وَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ الْوَسَخُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْبَدَنِ، وَقَطَعَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ بِالْإِجْزَاءِ وَصِحَّةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وأنه يُعْفَى عَنْهُ لِلْحَاجَةِ، قَالَ: لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْمُرُهُمْ بِتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَيُنْكِرُ مَا تَحْتَهَا مِنْ وَسَخٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ. انتهى. ولتنظر الفتوى رقم: 124350.

قال في المحيط من كتب الحنفية: وهل يجب إيصال الماء إلى ما تحت الأظافر؟ قال الفقيه أبو بكر -رحمه الله-: يجب، حتى إن الخباز إذا توضأ وفي أظفاره عجين أو الطيان إذ توضأ وفي أظفاره طين يجب إيصال الماء إلى ما تحته. وكان يفرق بين الطين والعجين وبين الدرن أن الدرن يتولد من الآدمي فيكون من أجزائه ولا كذلك الطين والعجين. وذكر الشيخ الإمام الزاهد الصفار -رحمه الله- في «شرحه»: أن الظفر إذا كان طويلًا بحيث يستر رأس الأنملة يجب إيصال الماء إلى ما تحته، وإن كان قصيرًا لا يجب إيصال الماء إلى ما تحته. انتهى.

وذكر بعض الفقهاء أن تقليم الأظفار واجب إذا كانت تمنع وصول الماء إلى ما تحتها؛ قال في الفواكه الدواني: ولا يلزمه إزالة ما تحت أظافره من الأوساخ إلا أن يخرج عن المعتاد فيجب عليه إزالته، كما يجب عليه قلم ظفره الساتر لمحل الفرض. انتهى.

وبه يتبين أن ما كتبناه مما استشكلته هو الموافق لكلام الفقهاء من مختلف المذاهب في أنه لا يعفى عن إيصال الماء إلى ما تحت الأظفار؛ إلا أن يكون تحتها وسخ، ففي هذا الوسخ الحائل دون وصول الماء إلى ما تحته الخلاف المتقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني