الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الوسواس القهري، والغلو، وهل تنال الشفاعة الغالي؟

السؤال

أنا مريض بالوسواس القهري، ووسوس لي الشيطان بالوقوع في الغلو الاعتقادي.
ما الفرق بين الوسواس القهري، والغلو الاعتقادي؟
وهل أحرم الشفاعة؛ لأن أهل الغلو يحرمون الشفاعة، كما ورد في حديث: اثنان لا تنالهما ....
وهل الحرمان كلي، أو جزئي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد بينا الوسواس القهري، وعلاجه، بالفتوى رقم: 3086

وهذا الوسواس قد يسبب الغلو في الاعتقاد، وفي العبادات.

والغلو هو التكلف في الشيء، كما قالت اللجنة الدائمة في فتوى لها: والغلو هو: التعمق في الشيء، والتكلف فيه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو فقال: "إياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" رواه أحمد، وغيره بإسناد صحيح. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "اقتضاء الصراط المستقيم" شارحا لهذا الحديث: هذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات، والأعمال، وسبب هذا اللفظ العام: رمي الجمار، وهو داخل فيه مثل: الرمي بالحجارة الكبار، بناء على أنه أبلغ من الصغار، ثم علله بما يقتضي مجانبة هدي من كان قبلنا، إبعادا عن الوقوع فيما هلكوا به. وأن المشارك لهم في بعض هديهم، يخاف عليه من الهلاك. اهـ.

وأما حديث: صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم، غشوم؛ وكل غال مارق. فقد رواه الطبراني عن أبي أمامة. وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

وأما عن موضوع الشفاعة في الغالي المارق، فالحديث وارد في الخوارج المارقين من الدين، لا في الموسوسين؛ فإن الموسوس وسواسا قهريا، لا يؤاخذ بما يحصل له.

قال البيهقي في البعث والنشور: والمارق من الدين: هو الخارج منه، ولا شفاعة له، ولا عفو عنه. وغيره إن لم يخرج من النار بالشفاعة، فقد يخرج منها يوما ما برحمة الله. وقد ورد خبر الصادق بأنه لا يضيع إيمان من مات عليه. فيكون ما أوعده بأن شفاعته لا تناله، تلحقه بأن يطول بقاؤه في النار، ولا يخرج منها مع من يخرج منها بالشفاعة. اهـ.

وقال الصنعاني في التنوير، شرح الجامع الصغير: "صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي يوم القيامة: إمام ظلوم غشوم، وكل غالٍ مارقٍ". (طب) عن أبي أمامة (ض). (صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي يوم القيامة) مع أنه تقدم أنها لكل من قال لا إله إلا الله، وأنها لأهل الكبائر. فهذا تخصيص من ذلك العموم. (إمام ظلوم) مبالغة ظالم. (غشوم) بالمعجمتين الظلوم أيضاً. (وكل غالٍ) من الغلول، تقدم أنه تجاوز الحد في الأمور. (مارقٍ) من مرق السهم من الرمية، نفذها، أي خارج بغلوه من الدين، مع أنه باق على الإسلام، إلا أنه بغلوه صار كالخارج عنه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني