الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الكذب وإخلاف الوعد وأكل الربا

السؤال

أنا مدان بمبلغ مالي، ولا أستطيع إرجاعه، مع أنني والله أريد إرجاعه، ولا أنوي أن آكل هذا المال بالباطل، ولأنني لم أستطع إرجاع هذا المال كذبت على شخص آخر، وقلت له بأنني أملك مشروعا تجاريا، وأحتاج مبلغا ماليا، وطلبت منه أن يشاركني في هذا المشروع، ونتقاسم الأرباح، فوافق وأعطاني المبلغ المطلوب رغم أنني كذبت عليه، وفعلت هذا لأسدد دين الشخص الأول، وكررت هذه العملية مع شخص ثالت لأسدد المبلغ مع الفوائد للشخص الثاني، وكررتها مع شخص رابع، فأصبحت أقترض على أساس أنني أملك مشروعا تجاريا وأتقاسم الأرباح، لكني في الحقيقة كنت أسدد ديوني التي تضاعفت 20 مرة، وأصبحت في دوامة يستحيل الخروج منها، والآن توقفت عن الاقتراض بهذه الطريقة، لكنني أصبحت شبه مطارد من طرف 8 أشخاص يطالبونني بأموالهم، ولا أحد يعرف ما فعلت، وأصبحت أعدهم وأخلف وعدي، لأنني والله لا أستطيع سداد كل هذا المبلغ، وأحيانا أحلف كاذبا. أعرف بأنني أغضبت الله كثيرا، والآن أكثر من الدعاء والصلاة وخاصة قيام الليل، وأذكر الله في كل وقت وأستغفره ونادم كثيرا على ما فعلته، فهل عندما أدعو الله ليقضي ديني ويفرج عني ويغفر لي ويرحمني ويتوب علي, دعائي مستجاب، مع العلم أنني أكلت الحرام ـ الاقتراض بالربا دون علم من أقترض منهم؟ أريد أن أتوقف عن فعل كل ما يغضب الله. وأصبحت أكذب على الأشخاص الذين أقرضوني، وأعدهم وأخلف وعدي، لعدم قدرتي على سداد ديوني، وخوفا من الفضيحة خاصة وأنني أصبحت مهددا بخسران عائلتي لو علمت بما قمت به، ودائما أنتظر رحمة من عند رب العرش العظيم، ومتأكد بأنه سيرحمني برحمة من عنده يغنيني بها عن رحمة من سواه، فهل دعائي مستجاب؟ وهل أعتبر مضطرا ويستجاب دعائي؟ وهل يجب علي قول الصدق لجميع الأشخاص رغم أنني لا أستطيع ذلك خوفا من العواقب الوخيمة والفضيحة؟ وبماذا تنصحونني؟ أطلب منكم الدعاء.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يغفر ذنوبك، ويتوب عليك، ويقضي دينك، وييسر أمرك، ونفيدك بأنك إن تبت توبة نصوحا فليس هناك ما يمنع من إجابة دعائك ـ إن شاء الله تعالى ـ لأن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وانظر الفتوى رقم: 107733، وإحالاتها.

وبخصوص إخلاف الوعد راجع الفتوى رقم: 207106، وما أحيل عليه فيها.

وأما بخصوص الكذب: فالأصل أنه محرم، لكنه يجوز إن كانت هناك ضرورة أو حاجة ملحة أو مصلحة مباحة معتبرة، ولا سبيل إليها ولا وسيلة لتحصيلها إلا بالكذب، ومن ذلك جواز الكذب لتفادي قطيعة الأرحام ونحو ذلك من المفاسد المعتبرة شرعا، فإن كان إخبارك بحقيقة الأمر سيترتب عليه قطع الرحم بينك وبين عائلتك ونحو ذلك من العواقب الوخيمة، فلا إثم عليك ـ إن شاء الله ـ لكن لا ينبغي اللجوء إلى الكذب الصريح مع إمكان استخدام المعاريض، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 7432، 43279، 111931، وإحالاتها.

ونوصيك بكثرة الابتهال والتضرع إلى الله عز وجل، وانظر الفتوى رقم: 152093.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني