الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن أم وابنين وبنتين ثم مات أحد الأبناء وبنى الآخر في عقار مورثه

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
للميت ورثة من الرجال:
(ابن) العدد اثنان.
للميت ورثة من النساء:
(أم)
(بنت) العدد بنتان.
إضافات أخرى:
ترك الأب لهؤلاء الأبناء والبنات منزلا مكونا من طابق أرضي به محلات لا تدر دخلا، وطابق أول به شقة يسكنون فيها، وبعد ذلك قام أحد الأبناء ببناء طابق سقف علوي آخر فقط، وتوفي هذا الابن بعد وفاة والده.
وبعد ذلك قام الابن الآخر بتحويل المحلات إلى شقة وقام بتشطيب الطابق العلوي الآخر وأصبح شقة أخرى ليسكن فيها أولاده.
الرجاء إفادتي في كيفية توزيع هذا الميراث على الابن الحي والأختين.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمن توفي عن ابنين وبنتين وأم، فإن لأمه السدس، والباقي لابنيه وبنتيه تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ... {النساء:11}، فتقسم التركة على ستة وثلاثين سهما، للأم منها: ستة أسهم، ولكل ابن: عشرة أسهم، ولكل بنت: خمسة أسهم، فيملك كل واحد من الورثة في البيت بقدر هذه السهام، وأسهم الابن الذي مات تنتقل إلى ورثته، وانظر الفتوى رقم: 66593، عن قسمة التركة بأنواع القسمة الثلاثة.
وأما الدور الذي بناه أحد الأبناء فإنه لا يخلو من حالين:
أولهما : أن يكون قد بناه برضا بقية الورثة ولم يصرحوا له بهبة الهواء، فإن هذا البناء يعتبر عارية تنتهي بانتهاء مدتها المؤقتة أو المعتادة إذا لم تكن مؤقتة، بمعنى أنهم أعاروه الهواء ليبني عليه الشقة فإذا مضت المدة المتفق عليها أو مضت المدة التي يستفاد منها بالشقة عادة فقد انتهت العارية، فتُقَوَّمُ الشقة منقوضةً، وقيل: قائمًة وتدفع القيمة لذلك الابن الباني ثم تصير الشقة للورثة جميعا بمن فيهم الابن نفسه.
وإذا مات الابن الباني قبل انتهاء المدة انتقل حق الانتفاع بالشقة لورثته إلى انتهاء المدة، وهذا على القول بأن العارية لا تبطل بموت المستعير، وقيل تبطل بموته ولا ينتقل الحق للورثة.

جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ مَوْتِ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمَنَافِعِ فِي الْعَارِيَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ حَقَّ الْمُسْتَعِيرِ بِمَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ حَقٌّ شَخْصِيٌّ، يَنْتَهِي بِوَفَاةِ صَاحِبِهِ، وَلاَ يَنْتَقِل إِلَى وَرَثَتِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الإْعَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُسْتَعِيرِ، وَيَجِبُ عَلَى وَرَثَتِهِ رَدُّ الْعَارِيَةِ فَوْرًا إِلَى صَاحِبِهَا، وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا.
وَالثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الإْعَارَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُطْلَقَةً، فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَسْتَحِقُّ الاِنْتِفَاعَ بِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ أَوِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ عَادَةً عِنْدَ الإْطْلاَقِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ قَبْل انْتِهَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ حَقَّهُ فِي الْمَنْفَعَةِ فِي الْمُدَّةِ الْمُتَبَقِّيَةِ لاَ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ، بَل يَنْتَقِل إِلَى وَرَثَتِهِ، إِلاَّ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إِذَا اشْتَرَطَ الْمُعِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِنَفْسِهِ فَقَطْ، فَحِينَئِذٍ لاَ تُورَثُ عَنْهُ الْمُدَّةَ الْمُتَبَقِّيَةَ، لأِنَّ فِيهَا يُعْتَبَرُ حَقًّا شَخْصِيًّا. اهــــ

ثاني الحالتين : أن يكون بنى الشقة بغير رضاهم فإنه يكون حينئذ بناء غاصب، ويأخذ حكم ما بناه الشريك في الأرض المشتركة بغير رضا الشركاء، وانظر الفتوى رقم: 112423، والفتوى رقم: 117531، وكلاهما عما بناه الشريك في الأرض المشتركة دون إذن بقية الشركاء.

وما قام به الابن الثاني من التشطيب للشقة والسكن فيها وكذا المحلات وتحويلها إلى شقة إن كان بإذن الورثة وبإذن من له حق الانتفاع بالشقة العلوية ـ وهم الورثة على القول بانتهاء العارية بموت الابن الباني، أو ورثة الابن الباني على القول ببقاء العارية ـ فإنه لا حرج عليه فيما فعله وتكون عارية وإلا كان غاصبا وحكمه ما سبق في الفتويين المشار إليهما، وعند الاختلاف لا بد من رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية أو مشافهة من يصلح للقضاء من أهل العلم إن لم توجد محكمة شرعية.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني