الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قطع صلة الوالد لسوء خلقه

السؤال

أرجو يا شيخ أن تفتيني في أمري. أصبح هذا الموضوع يعذبني.
منذ سنتين جاء زوجي بوالديه إلى المنزل، للعيش معنا، ووالله رحبت بهما ترحيبا كبيرا، وكنت أصر على زوجي للإتيان بهما للعيش معنا، رغم المسؤولية الجديدة التي سأتحملها، وعندي أطفال صغار، وكنت حاملا، والحق يقال إنهما طيبان، ولا يتدخلان في شيء.
والدته تناهز الستين، ووالده يناهز الثمانين, وبعد شهرين من قدومهما، وبعد ولادتي، أصبحت ألاحظ بعض التصرفات غير اللائقة من والد زوجي مع أبنائي (ابني في الثالثة من عمره، وابنتي في الثامنة من عمرها) وكنت لا أدقق كثيرا في هذه التصرفات. بعدها لاحظت أن زوجي وأمه على خصام مع والد زوجي، وأصبح زوجي يقول لي: أرجو أن تلبسي حجابا أمام والدي، والبسي ثياب ساترة تماما، فقلت له: لماذا هو مثل أبي، وأنا لباسي كله ساتر، وطويل أحيانا كنت ألبس نصف. ثم شككت في الموضوع، ولكني أيضا لم ألق له بالا، وهناك تفاصيل أخرى لا يتسع المجال لذكرها.
ولكن في يوم كنت في غرفتي أرضع ابني، ووالدة زوجي وزوجي يرتبان أغراضا في المطبخ أتى بها زوجي من السوق، وابنتي مع جدها في المجلس. ناديت على ابنتي، قلت لها: ماذا تفعلين؟ وكانت مرتبكة، قالت لي: ألعب مع جدي، وذهبت.
بعدها ذهب والد زوجي ووالدته إلى الحديقة لوحدهما، ونادى زوجي ابنتي، ودخلا غرفتها، وجلسا يتسارران، ثم خرج زوجي.
أدخلت ابنتي إلى غرفتي، وتوددت لها، وقلت لها: أخبريني ما الذي يحدث.
فكانت الصاعقة التي أرقت، ونغصت عيشي إلى الآن: جدها كان يتحرش بها جنسيا، وأكثر بكثير من ذلك يا شيخ. وكان ذلك منذ قدومهما،
ولكنها كانت خائفة من أن تخبرني حتى لا أعاقبها، وزوجي حينها خرج واتصل بوالدته، وأخبرها بما فعل والده. وبعد قليل جاء والده إلى المنزل غاضبا، وأصبح يقول: ماذا يحدث؟ ودخل غرفتي وهو غاضب، أخرجته بهدوء، وكانت ابنتي معي، وكانت تدفع الباب في وجهه، ثم خرج وذهب للصالة، وعادت والدة زوجي، وعاد زوجي، ودخل إلى غرفتي مباشرة دون أن يسلم على والديه، وكنت أنا وابنتي في حالة بكاء شديد، أصبح زوجي يهدئني، ويبكي معي. وطلبت منه أن يغادرا فورا، وخاصمتهما ولم أتكلم معهما أبدا.
زوجي كان يدخل والدته للداخل، ويتكلم معها في الأيام التي قضياها بعد هذا الحدث، إلى أن وجد لهما حجزا في الطائرة، وقبل أن تغادر والدته، استرضيتها، ولكن رغما عني، وفقا لطلب زوجي، وذهبت معها لشراء هدايا لأبناء أولادها الذاهبة إليهم حتى لا يتساءلوا: لماذا عاد والداهما فجأة، وكانا قد قررا البقاء عندنا. وبعدها زوجي أصبح لا يكلم أباه أبدا، فقط يتصل بوالدته.
حرم زوجي حتى من رؤية أمه، وإخوته بسبب والده؛ لأنه منذ تلك الحادثة وهو لا يجالسه، ولا يكلمه.
ولأن والده يسكن معهم، كلما دعاه إخوته لزيارتهم، يقول: لا أقدر عندي عمل كثير.
وأنا يا شيخ أتنغص على ابنتي، وإلى الآن خائفة من أن أذهب بها إلى طبيبة، وكرهت أهل زوجي كلهم، لا أرجو الشر لهم، ولكني ما عدت أحبهم، كلما فتح زوجي سيرتهم أغضب، وأتشاجر أنا وإياه، حتى إني لا أحب أن يحسن إليهم بشيء، حتى والدته ما عدت أحبها؛ لأنها -والله أعلم- كانت تدري بما يحدث، وكانت تقول فقط أريد أن أرجع.
هل هناك إثم على زوجي لمقاطعة والده؟ وهل هناك إثم علي أنا أيضا؟
ماذا أفعل !!!؟؟؟
يا شيخ أفتني جزاك الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فلا ريب في شناعة ما فعله والد زوجك، ودناءة خلقه، وتحتم الاحتياط في أمره، وعدم تمكينه من الخلوة بالبنت، ولكنّ ذلك لا يسوّغ لزوجك قطعه بالكلية، فحق الوالدين عظيم ولو أساءا أعظم الإساءة، فقد أمر الله بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين، اللذين يأمران ولدهما بالشرك.

وراجعي الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 103139، 101410 ، 68850
وعليه، فالواجب على زوجك أن يبر أباه، ولا يقطعه. وأوجب من ذلك بره بأمه، وإحسانه إليها.

أما أنت، فلا تجب عليك صلة أبويه, لكن لا يجوز لك حضه على قطعهما، بل تحثينه على صلتهما، والإحسان إليهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني