الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هجر المرأة زوجها لإساءته إليها وطعنه في عرضها

السؤال

أنا امرأة عمري 56 متزوجة، وزوجي قد طلقني مرتين، وفي المرة الثانية الأخيرة بعد ساعةٍ ردّني، وكان قبل أن يطلقني قد اتهمني بعرضي، وقد حلفت له على المصحف الشريف مرتين، ولكن طلقني الطلقة الثانية، ولكن بعد أن ردّني استمرّ باتهاماته الباطلة وافترائه عليَّ بعرضي وشرفي.
وقد كان دائما يصغرني أمام أولادي ويضربني أحيانا ويسبُّني كثيراً، وهو دائمُ التهديد لي ولأولادي بأنّه سيتزوج ويغادر الأسرة، ومن ثمَّ قلت له لا تكلمني أبدا لأنه كلّما تكلم معي يزعجني ويمرضني؛ لأن معي الضغط، وقراري هذا نابع من يقيني بأن البعد عنه غنيمة، وأنّه حل وسطي للحفاظ على الأسرة ووحدتها.
علما بأنّي أقوم بواجباته إلّا أنني لم أنم معه منذ سبعة أشهر، وهو لم يطلبني أبداً، هل عليّ إثمٌ أو ذنب؟ وهل أستمرُّ بهذا الانقطاع؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من أخطر الأمور إساءة الظن بالمسلم واتهامه بما هو بريء منه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ...الآية {الحجرات:12}، ويتأكد الأمر إذا كان ذلك متعلقا بالزوجة؛ لما بينها وبين زوجها من هذا الرباط الوثيق وهو رباط الزوجية، والذي قال عنه رب العزة والجلال: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}، ويعظم الإثم بالاتهام في العرض، قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}. فإن كان زوجك يتهمك في عرضك من غير بينة، وانضاف إلى ذلك ضربه وسبه لك واحتقارك أمام أولادك وتهديده لك ولهم بالزواج من أخرى، فكل هذا يدل على جفاء وسوء خلق، فهو بذلك عاص لربه ومفرط في حق أهله.

فالواجب أن ينصح، ويبين له سوء صنيعه، ويدعى إلى التوبة والإنابة إلى الله، وليكن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة عسى أن يصلحه الله ويرجع إلى رشده وصوابه، ويمكن الاستعانة عليه ببعض أهل العلم والفضل، وكل من يرجى أن يؤثر عليه.

ومن حقك منعه من الكلام معك بما يؤذيك، ولكن ليس لك هجره بالكلية، بل الواجب عليك أن تؤدي إليه حقوقه، ومن ذلك حقه في الفراش، وراجعي الفتوى رقم: 162211، والفتوى رقم: 69177، وعدم طلبه إياك قد يكون سببه ما ذهبت إليه من هجره، وننبه هنا إلى أن من العلماء من ذهب إلى أنه يجوز للزوجة أن تهجر زوجها إن كان هو الظالم لها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 129984، ولكن الغالب أن لا يكون في ذلك مصلحة، فلا ننصح به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني