الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أجرة العقار المملوك بطريقة وضع اليد

السؤال

يمتلك أبي عمارة مكونة من عشرة طوابق، بها عدد من الشقق، ولكنني أرى أي أموال تعود علينا من بيع أو تأجير هذه الشقق ستكون حرامًا، أولاً لأن الأرض التي بُنيت عليها العمارة أرض وضع يد، ولم يكن أبي هو من وضع يده على هذه الأرض، بل هو اشتراها ممن وضعوا أيديهم عليها ودفع ثمنها لهم، هذه هي الإشكالية الأولى وهي أن الأرض من حيث الأصل وضع يد، أي أنها غير مملوكة لأحد، أو على الأقل يمكن القول إنها كانت ملكا للدولة.
الإشكالية الثانية هي أن أبي فعل مثلما يفعل كل من يبنون في هذه المنطقة، وهي أنهم يبنون دون الحصول على ترخيص من الحكومة؛ لأن أبي لو أراد التقدم للحصول على ترخيص سيضطر إلى دفع أموال للحكومة نظير البناء، وسيكون الترخيص ممنوحًا بعدد أقل من الطوابق (على سبيل المثال، خمسة أو ستة طوابق).
أما الإشكالية الثالثة هي أن قانون البناء يلزم كل من يبني أي عقار أن يقيم جراجا للسيارات أسفل العمارة، لكن أبي لم يلتزم بهذا القانون، مثله مثل كل أصحاب العمارات في هذه المنطقة، وبنى عددًا من المحلات بدلاً من الجراج.
وسؤالي هو: هل أنا على صواب أو أنني مبالغ في حكمي على أموال أبي، ومشكلتي تنحصر في هذه الأمور الثلاثة، وهي باختصار: أن أبي اشترى الأرض، التي بنى عليها العمارة من أناس كانوا قد وضعوا أيديهم على الأرض، كما أن أبي لم يلتزم بالقوانين الوضعية وبنى دون الحصول على ترخيص من الحكومة، ولم يقم جراجا للسيارات وبنى بدلاً منه عددًا من المحلات أسفل العمارة.
فهل أموال أبي حلال أم حرام في ظل المعطيات التي ذكرتها لكم؟.
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت تلك الأرض غير مملوكة لأحد، ولم تضع الدولة يدها عليها، فيجوز للغير وضع اليد عليها، ومن ثم إحياؤها والانتفاع بها.
أما إن كانت الدولة قد وضعت يدها عليها، فحينئذ لا يجوز للغير وضع يده عليها، وإلا كان غاصبا، وحينئذ يحرم الانتفاع بها بالبيع أو غيره، اللهم إلا إن علمت الدولة بما فعله واضع اليد وأقرته على ذلك، فلا حرج عليه حينئذ، وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 220639، 138613، 74286، 135037، 210592، وإحالاتها.
وعلى هذا التفصيل ينبني الحكم في أموال أبيك، فإن كان واضع اليد غاصبا، فشراء أبيك للأرض المغصوبة لا يصح، وحينئذ يحرم عليه الانتفاع بها والبناء عليها، وما اكتسبه من بيع الشقق أو تأجيرها يكون حراما. وانظر الفتوى رقم: 126030، وما أحيل عليه فيها.

أما إن كان واضع اليد قد فعل ما يجوز له، أو أقرته الدولة على الأرض المذكورة، أو أقرت أباك عليها، فلا حرج عليه في الانتفاع بها بالبناء والبيع والتأجير وغير ذلك.

وأما مجرد البناء بلا رخصة فلا يوجب تحريم ثمن بيع الشقق ولا أجرتها، كما أن عدم إقامة الجراج لا توجب تحريم ثمن المحلات ولا أجرتها، وإن أثم الأب لمخالفته القوانين المرعية في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 184597.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني