الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ائتمام المأمومين بأحدهم لفقد صوت الإمام ثم رجوعهم إلى الائتمام به عند رجوع صوته

السؤال

صلى نساء المسجد في الطابق المخصص لهن، وأثناء صلاة العصر انقطع التيار الكهربائي، وبالتالي فقدن صوت الإمام، فتقدمت إحداهن وأمت النساء فتبعها البعض، ونوى البعض الانفراد، فهل يلزم جميع النساء متابعتها أم هن بالخيار؟ وما حكم من نوت الانفراد ولم تأتم بها؟
وبعد دقائق عاد الصوت إليهن فتأخرت هذه الأخت ورجع الجميع إلى الإمام الأول، فهل هذا جائز؟ وما حكم صلاتهن؟ وما الحكم لو نوى إنسان الانفراد لانقطاع صوت الإمام وصلي ركعتين ثم عاد صوت الامام وقد صلى ركعة، ماذا يفعل لو عاد فأتم بالإمام بعد عودة الصوت إليه مرة أخرى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاقتداء النساء بالإمام من طابق آخر جائز، وإن كان الأولى أن يكون هناك فتحة حتى يبلغ الصوت إذا انقطع التيار الكهربائي، وانظر الفتوى رقم: 204895.

ولا حرج على من تقدمت لتكمل الصلاة بهن، وانظر الفتوى رقم: 4728.

ولا حرج على من نوت الانفراد منهن؛ جاء في منار السبيل: [وتصح نية المفارقة لكل منهما لعذر يبيح ترك الجماعة] لقصة معاذ، وقال الزهري في إمام ينوبه الدم، أو يرعف: ينصرف، وليقل: أتموا صلاتكم. واحتج أحمد بأن معاوية لما طعن صلوا وحدانًا. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 53433.

وعلى هذا؛ فلا يلزم جميع النساء متابعتها، ولمن شاءت أن تصلي منفردة أن تصلي، لا سيما والمرأة لا يجب عليها صلاة الجماعة، كما بيّنّا بالفتوى رقم: 97164.

وأما رجوع الجميع إلى الإمام الأول: فطالما أن المرأة التي تقدمت رجعت، وائتمت بالإمام الأول، فقد بطل ائتمام من خلفها بها، وصح منهن الائتمام بالإمام الأول، وانظر الفتوى رقم: 97348.
فإن كان المأموم صلى ركعتين، والإمام صلى ركعة؛ صح ائتمامه في الأصح؛ قال النووي في المجموع: فَلَوْ لَمْ يَقْطَعْهَا وَلَمْ يُسَلِّمْ بَلْ نَوَى الدُّخُولَ فِي الْجَمَاعَةِ وَاسْتَمَرَّ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمَزْنِيِّ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى كَرَاهَتِهِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي صِحَّتِهَا طَرِيقَانِ: (أَحَدُهُمَا) القطع بِبُطْلَانِهَا. حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْفَارِسِيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. (وَالثَّانِي) وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وفيه قولان مشهوران؛ أصحهما باتفاق الأصحاب: يصح، وهو نصه في معظم كتبه الجديدة. انتهى.

وقال الشيرازي في المهذب: وإن دخل في فرض الوقت ثم أقيمت الجماعة فالأفضل أن يقطع ويدخل في الجماعة، فإن نوى الدخول في الجماعة من غير أن يقطع ففيه قولان: قال في الإملاء: لا يجوز وتبطل صلاته؛ لأن تحريمته سبقت تحريمة الإمام، فلم يجز كما لو حضر معه في أول الصلاة فكبر قبله. وقال في القديم والجديد: يجوز وهو الأصح؛ لأنه لما جاز أن يصلي بعض صلاته منفردًا ثم يصير إمامًا بأن يجئ من يأتم به جاز أن يصلي بعض صلاته منفردًا ثم يصير مأمومًا. ومن أصحابنا من قال: إن كان قد ركع في حال الانفراد لم يجز قولًا واحدًا، لأنه يغير ترتيب صلاته بالمتابعة. والصحيح: أنه لا فرق؛ لأن الشافعي -رحمه الله- لم يفرق ويجوز أن يغير ترتيب صلاته بالمتابعة كالمسبوق بركعة. انتهى.
ثم لمن أتمت صلاتها أن تسلم أو تجلس وتطول الدعاء حتى ينتهي الإمام من صلاته، وليس لها أن تتابعه؛ قال النووي شارحًا المسألة السابقة في المجموع: وإن تمت صلاة المأموم أَوَّلًا لَمْ يَجُزْ لَهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الزِّيَادَةِ، بَلْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ عِنْدَ تَمَامِهَا وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ فِي التَّشَهُّدِ وَطُولِ الدُّعَاءِ حَتَّى يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَقِبَهُ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني