الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الشركة التي لم يوثق عقدها رسميا وأحد الشركاء لم يدفع حصته من رأس المال

السؤال

تم الاتفاق شفهيا مع 4 شركاء، على إنشاء شركة. وتم الاتفاق على حصة كل شخص، ولكن لم يتم عمل عقل كتابي موثق، بسبب كثرة التكاليف المترتبة على إنشاء مثل ذلك العقد.
أسئلتي كالتالي:
1-أحد الشركاء، قد أعلمنا بداية، أنه لا يملك المبلغ المفروض دفعه لدخوله كشريك حاليا، وإنما سيقوم بالدفع عند تيسر حاله. وقد وافق الشركاء على ذلك، وضموه للشركة كشريك، وأصبح يربح من دخل الشركة، ويأخذ حصته في الربح بالكامل حتى تاريخه، وإلى الآن لم يدفع ما هو مطلوب منه لدخوله كشريك بسبب ظروفه.
لكن حدث الآن أنه يريد الخروج من الشراكة بدون دفع رسوم دخوله كشريك، بحجة أنه ليس معنا بعقد موثق رسمي، يلزمه أن يكون كشريك، وأن العقد الشفهي، والاتفاق الذي تم يعتبر غير شرعي.
فهل هذا صحيح؟
2-هل يحق له عند الخروج بيع حصته لنا، مقابل ما هو مترتب عليه من مبالغ لدخوله من الأساس كشريك؟
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن شروط شركة الأموال، أن يكون رأس المال فيها حاضرا، ولا يجوز أن يكون ديناً في ذمة الشريك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 47193، ورقم: 110026، ورقم: 113970

وحيث إن الشريك المذكور لم يدفع شيئا، فهو لم يدخل في الشركة أصلا، ولا يستحق شيئاً من الربح؛ لأن الربح تابع لرأس المال المدفوع، وهو لم يدفع شيئا حتى يستحق عنه ربحا، وبالتالي فإن ما يستحقه هو فقط أجر عمله، إن كان عمل معكم في الشركة.

جاء في المغني: ومتى وقعت الشركة فاسدة، فإنهما يقتسمان الربح على قدر رؤوس أموالهما، ويرجع كل واحد منهما على الآخر بأجر عمله، نص عليه أحمد في المضاربة، واختاره القاضي، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي. اهـ.

وبهذا يتبين، أن الشركة التي حصلت بينكم فاسدة، وأن لكم أنتم الثلاثة اقتسام الربح بحسب رؤوس أموالكم، وأما الرابع الذي لم يدفع شيئا، فليس له إلا أجر عمله.

وما تحجج به -من عدم كتابة العقد- لا يفيده شيئا هنا، كما أنه غير صحيح، إذ يكفي في العقود الاتفاق الشفهي، وأما الكتابة والتوثيق، فهي أمور زائدة على ماهية العقد، يقصد منها توثيق الحقوق، وسد باب الخصام، والنزاع، وليست شرطاً في صحته. والأمر بالكتابة في آية الدين، محمول على الندب.

جاء في الموسوعة الفقهية: فآية المداينات، الأمر فيها إنما هو للإرشاد إلى حفظ الأموال، والتعليم, كما أمر بالرهن، والكتابة, وليس بواجب. وهذا ظاهر، صرح بذلك فقهاء الحنفية, والمالكية, والشافعية, والحنابلة. وذهب إليه أيضا أبو سعيد الخدري, وأبو أيوب الأنصاري, والشعبي, والحسن, وإسحاق, وجمهور الأمة من السلف، والخلف. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني