الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفير المال لبناء بيت بعد أداء الزكاة الواجبة ليس من الكنز المذموم

السؤال

بداية وبحمد الله وتوفيقه وفضله ورحمته أني ملتزم في ديني؛ حيث أحرص على طاعة الله واجتناب نواهيه، ولكن هناك موضوع يقلقني وهو موضوع الصدقات، فالحمد لله في كل فترة وفترة أتصدق بمبلغ من المال، لِنَقُلْ كل شهر هناك صدقة وتتراوح ما بين 500 إلى 1000 ريال، ولدي مشروع علي إعداده وهو شراء أرض للبناء لأولادي، وما يحيرني هو كيف أوفِّق ما بين إخراج الصدقة وبين توفير المال لشراء قطعة الأرض؟ فكم أرغب بالتصدق بمعظم مالي، ولكن العائق هي المشاريع الأساسية من شراء أرض وتعليم الأولاد فقط ولا ثالث بعدهما، هل إذا قمت بتوفير مال وتخزينه لشراء أرض أعد ممن يكنزون الأموال؟! وكيف أخرج الصدقة في هذه الحالة؟
هل من الممكن اقتطاع كل فترة قليلا من المال الموفر للمشروع لإخراجه كصدقة؟
تنبيه: أنا هنا أتحدث عن الصدقة وليست الزكاة، فالزكاة والحمد لله تُخْرج بغض النظر عن المشاريع، أنا هنا أتحدث عن الصدقة، فكيف أتصرف حتى أدخل فيما يرضاه الله في هذه الحالة؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنيئا لك ما ذكرت من الالتزام والحرص على طاعة الله، والبحث عما يرضيه سبحانه.

ولا شك أن الصدقة مندوب إليها في نصوص كثيرة من القرآن والسنة، وفيها الأجور المضاعفة عند الله تعالى في الآخرة، والنفع العظيم على المتصدق في الدنيا، وانظر الفتوى رقم: 108788.

ولا تتنافى الصدقة مع توفير المال ـ كما يتوهم السائل ـ، إذ بإمكان الشخص أن يتصدق ببعض ماله ويوفر منه ما يريد، ولا حرج في ذلك البتة ؛ لأن الصدقة التي يقصد السائل غير واجبة، ومن ثم فلو تركها بالكلية لا يأثم، لكنه يكون قد فوت على نفسه الأجر العظيم.

وأما الكنز المذموم فهو توفير المال مع عدم إخراج الزكاة الشرعية الواجبة فيه فهذا هو الكنز المتوعد عليه في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {التوبة:34}،

أما من يخرج زكاة ماله فلا يدخل في الوعيد، وقد أوضحنا هذا في الفتوى رقم: 30090.

وخلاصة الكلام أنه لا حرج في توفير المال وكنزه ما دامت تخرج زكاته، وأن الصدقة مأمور بها على جهة الاستحباب والندب، وليس فيها حد معين يجب الالتزام به، فبإمكان الشخص أن يتصدق بما شاء وقت ما يشاء وبالكيفية التي يريد، سواء التزم مبلغا شهريا يخرجه أو غير ذلك، وكل شخص أدرى بظروفه وما يناسبه من هذا.

والأفضل من أنواع الصدقة صدقة السر؛ لأنها أقرب إلى الإخلاص، قال الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة:271}، وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني