الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدين يرد بمثله لا بقيمته

السؤال

كان والدي يقيم في الأردن، وطلب من قريب له يعمل في السعودية مبلغ ١٠٠٠ دينار أردني قبل ٣٠ عاما تقريبا، فأرسل هذا الشخص الذي يعمل في السعودية حوالة مالية قيمتها ٩٩٠ ريالا، وبالفعل استلم والدي مبلغ ٩٩٠ دينارا أردنيا وهو في الأردن بعد خصم رسوم الحوالة والآن أنوي سداد هذا الدين عن والدي، حيث إن الشخص الذي استدان منه والدي ما زال مقيما في السعودية، وأنا الآن أيضا مقيم في السعودية، فهل أسدد ٩٩٠ ريالا حسب ما أرسل الشخص إلى والدي؟ أم أسدد ما يعادل مبلغ ١٠٠٠ دينار أردني حسب ما استلم والدي من المال، وحسب ما طلبه من الدين؟ حيث إن سعر الصرف بين العملتين اختلف قبل ٣٠ عاما عما هو عليه الآن.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمادام التعاقد قد حصل بين أبيك وقريبه على كون القرض بالدينار الأردني، فيكون الواجب رد مثل ذلك المبلغ، ولا عبرة باختلاف قيمته بالنسبة إلى الريال السعودي، لأن الأصل المتقرر عند الفقهاء أن القرض إن كان له مثل يرد بمثله، وهكذا العملات ترد بأمثالها، مهما تغيرت قوتها الشرائية، جاء في المجموع: يجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل، لأن مقتضى القرض رد المثل. انتهى.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أياً كان مصدرها بمستوى الأسعار. انتهى.

ووالدك لم يقترض من قريبه مبلغا بالريال السعودي، بل طلب منه مبلغا محددا بالدينار الأردني فيكون الدين به، وبالتالي فلو أديت إلى الدائن مثل المبلغ الذي استلمه والدك من العملة الأردنية، فإن ذمته تبرأ بذلك، كما يجوز لك الاتفاق مع الدائن على أن تؤدي إليه قيمة ذلك المبلغ بالريال السعودي أو غيره من العملات عند السداد، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثامنة: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد ـ لا قبله ـ على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد. اهـ
ولو كانت قيمة الدين قد نقصت فينبغي لك تطييب خاطر الدائن وزيادته على ما يجب له من باب حسن القضاء ومكافأة للمعروف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن خياركم أحسنكم قضاءً. متفق عليه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود والنسائي وأحمد، وصححه الألباني.

وقضاؤك للدين عن أبيك من مالك من البر به والإحسان إليه بعد موته، فإنك تبرئ ذمته من ذلك وتخلصه من ورطته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني