الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة الداعي للإثم والمنكر وبقاء العمل به

السؤال

كيف أكفر الذنوب الجارية؟ مثل من دل شخصا على منكر أو أعطاه اسم أغنية... إلخ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتوبة النصوح المستوفية لشروطها وأركانها يمحو الله بها الذنب وإن كان أثره باقيا، ولا تلحق الشخص تبعة ذنبه إذا تاب منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه. وشروط صحة التوبة هي الإقلاع عن الذنب والعزم على عدم معاودته والندم على فعله، وإن أمكن مناصحة ذلك الشخص الذي دُلَّ على الحرام وأن يبين له حكم الشرع فليفعل ذلك، وإن لم يمكنه فلا شيء عليه، وتوبته النصوح تكفي في تكفير ذنبه، قال صاحب المراقي:

من تاب بعد أن تعاطى السببا فقد أتى بما عليه وجبا

وإن بقي فساده كمن رجع عن بث بدعة عليها يُتَبَّع

قال القاري في المرقاة: قال ابن حجر: تنبيه: لو تاب الداعي للإثم، وبقي العمل به، فهل ينقطع إثم دلالته بتوبته؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، أو لا لأن شرطها رد الظلامة، والإقلاع، وما دام العمل بدلالته موجودا فالفعل منسوب إليه، فكأنه لم يرد ولم يقلع؟... قال القاري: والأظهر الأول، وإلا فيلزم أن نقول بعدم صحة توبته، وهذا لم يقل به أحد، ثم رد المظالم مقيد بالممكن، وإقلاع كل شيء بحسبه حتما، وأيضا استمرار ثواب الاتباع مبني على استدامة رضا المتبوع به، فإذا تاب وندم، انقطع، كما أن الداعي إلى الهدى إن وقع في الردى ـ نعوذ بالله منه ـ انقطع ثواب المتابعة له، وأيضا كان كثير من الكفار دعاة إلى الضلالة، وقبل منهم الإسلام، لما أن الإسلام يجب ما قبله، فالتوبة كذلك بل أقوى، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. انتهى.

وينبغي لهذا الشخص أن يكثر من الحسنات ويتزود من الطاعات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وأن يجتهد في تبديل دعوته إلى الشر دعوة إلى الخير، وأمرا بالمعروف، ونهيا عن المنكر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني