الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال وبيع الأدوية المحتوية على مواد محرمة

السؤال

هناك مادتان موجودتان في معظم الأدوية؛ المادة الأولى هي الجيلاتين التي توجد في معظم الكبسولات الدوائية، والتي قد يكون مصدرها حيوانيًّا. والمادة الثانية هي "ستيرات الماغنسيوم" التي توجد في معظم الأقراص الدوائية، وهذه المادة الأخيرة تستخرج من الزيوت الحيوانية أو النباتية. وبالنظر إلى الأدوية التي نتناولها نجد أنها لا تخلو من الجيلاتين أو من "ستيرات الماغنسيوم"، وهو ما يمثل مشكلة كبرى بالنسبة للمستهلك المسلم. أنا شخصيًّا عانيت كثيرًا لأن معظم الأدوية التي وصفت لي هي أدوية أجنبية تحتوي على هاتين المادتين، لذا لجأت إلى البديل المصري، وهي الأدوية المصنوعة في مصر، لكي أخرج من هذا المأزق، لأن الأدوية المصنوعة في مصر لا مشكلة فيها من ناحية المصدر الحيواني، المشكلة في الأدوية الأجنبية التي لا تكاد تخلو من إحدى هاتين المادتين. قرأت أن الاستحالة تطهر المادة النجسة، وهناك خلاف طبي بين العلماء في مسألة استحالة الجيلاتين، فهناك من يقول: إن الاستحالة تتحقق كاملة، ومنهم من ينفي ذلك. وبحثت عن المادة الثانية وهي "ستيرات الماغنسيوم"، ولم أجد أي شيء يتعلق باستحالتها، وكل ما وجدته هو أنها تستخرج من زيوت حيوانية أو من زيوت نباتية. خلاصة القول: ماذا نفعل في الأدوية الأجنبية التي قد تحتوي على مواد مستخرجة من حيوانات غير مذكاة ذكاة شرعية؟ وكيف لنا أن نعرف هل تحققت الاستحالة أم لا؟ وما حكم من يعمل في مجال الصيدلة؟ وخصوصًا في مجال الأدوية الأجنبية التي تحتوي على الجيلاتين أو على "ستيرات الماغنسيوم"، وهل يصبح ماله حرامًا؛ لأنه يعمل في توزيع أدوية تحتوي على مواد مستخرجة من حيوانات غير مذكاة ذكاة شرعية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمادة الجيلاتين إن كانت مأخوذة من حيوان حلال بعد ذكاته فلا إشكال في جوازها. وإن علم أن أصلها ميتة أو من حيوان محرم الأكل كالخنزير، فإن تمت معالجتها حتى تحولت إلى مادة أخرى قبل إضافتها إلى المأكولات أو الكريمات، فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنها تطهر ويجوز استعمالها. أما إذا لم تحصل معالجتها أو حصلت لكنها لم تحولها إلى مادة أخرى، فإنها تبقى على أصلها، وهو النجاسة وحرمة الاستعمال. أما إذا كانت مجهولة الحال أو المصدر، فالظاهر أنها مباحة؛ لعموم البلوى وجهالة الأصل، ولأن أغلب هذه المواد المصنعة تكون قد جرى عليها معالجة حتى تتحول عن أصلها. وراجع في ذلك ما أحيل عليه في الفتوى رقم: 67288.
وكذلك الحال في مادة (ستيرات الماغنسيوم) أو غيرها، إذا علم أنها صنعت من زيت حيواني نجس لم يعالج ويستحل لمادة أخرى، تبقى على حكم النجاسة وحرمة الاستعمال، أما إذا عولجت فاستحالت أو كانت مجهولة الحال، فلا حرج -إن شاء الله- في استعمالها؛ لما سبق الإشارة إليه.
وفي حال الحكم بالحرمة؛ فإن استعمال الأدوية التي دخلت في تصنيعها إذا لم يف غيرها بغرضها، يرخص باستعمالها في حال الحاجة إليها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 54308.
وأما عن الاستحالة: فراجع فيها الفتوى رقم: 247564. وراجع في مسألة بيع الصيدلي لهذه الأدوية الفتوى رقم: 108007.
والذي يهمنا هنا: أن نلفت نظر السائل إلى الوسوسة التي يعانيها، والتي ذكرها عن نفسه في أكثر أسئلته السابقة، فهي داء لا بد من الاجتهاد في معالجته، وليس من العلاج الاسترسال معها، والاستقصاء عن الشبهات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني