الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفير سكن خاص بالزوجة ليس من العقوق، والتنافس في بر الآباء

السؤال

أم زوجي مريضة نفسيًّا، وهي مسالمة، فقط تحتاج إلى من يعطيها الأكل والعلاج، ويوجهها إلى الذهاب للاستحمام، ومن يمشط لها شعرها، وهكذا. .أنا ليس لدي مانع من القيام بهذا ونحن نسكن معهم في نفس المنزل، ولكن شقيق زوجي كثير المشاجرات معي؛ لدرجة أنني فكرت أن أخرج من المنزل أنا وأولادي، ولكنني أخشى أن يدخل زوجي في عقوق أمه. علمًا بأن كثيرًا من الأقارب تحدثوا معه ولكن لم يكن لديه سبب. ينفجر بدون أي سبب، ويضرب الأواني، ويشتم بصوت عال، وكلما يراني يبصق، وأحيانًا لا يصدر عنه شيء، ولكنني أصبحت لا آمن جانبه وأتوقع انفجاره في أي وقت.
في آخر مشكلة كان السبب أن أطفالي لعبوا بصوت عال، فقام بشتمنا وكسر زجاج نافذة غرفتنا، وقال لي ألفاظًا بذيئة، وزوجي كان مسافرًا، فأصررت على الخروج من المنزل وأن أذهب وأستأجر سكنًا، ولكن والده رفض.
أنا الآن مع زوجي وسوف أرجع لبلدي، ولكني لا أريد أن أرجع مرة أخرى إلى منزل أهله بسبب هذا الشقيق، ولكنني أخشى أن يدخل زوجي في عقوق أمه. علمًا بأن والديه معهم هذا الشقيق وشقيق آخر، ولديهم شقيق متزوج، ولكنه يسكن بعيدًا عنهم، ولديه شقيقة ولكنها أيضًا لا تسكن معهم.
أفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك أولًا على ما ذكرت من عدم ممانعتك من القيام بخدمة أم زوجك، فقيام الزوجة بذلك يدل على حسن خلقها، ومثل هذا التصرف منها تزداد به حظوتها عند زوجها، ويطيب به المعشر؛ فجزاك الله خيرًا.

ومن حقك كزوجة أن تكوني في مسكن مستقل يندفع عنك فيه الحرج، وتتقين به أي ضرر يمكن أن يلحقك من أهل زوجك أو غيرهم، وراجعي الفتوى رقم: 66191، وليس في توفير الزوج مثل هذا المسكن لك عقوق لأمه، ولا يعتبر رفضك السكنى مع أمه حملًا له على العقوق.

وما تحتاجه هذه الأم من نفقة واجبة على زوجها، وإن احتاجت إلى خادمة وجب عليه توفيرها لها؛ قال ابن قدامة: فإن كانت المرأة ممن لا تخدم نفسها، لكونها من ذوي الأقدار أو مريضة وجب لها خادم. اهـ.

فإن كان زوجها فقيرًا وجب ذلك على أولادها كل حسب يساره، وتراجع الفتوى رقم: 65089.

وعلى كل حال؛ ينبغي لأولادها أن يتنافسوا في برها، فإنها فرصة سانحة لكسب رضا الرب ونيل عالي الدرجات في الجنة؛ روى ابن ماجه عن معاوية بن جاهمة السلمي -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. قال:"ويحك، أحية أمك؟" قلت: نعم. قال: "ارجع فبرها" ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. قال: "ويحك، أحية أمك؟ قلت: نعم، يا رسول الله. قال: "فارجع إليها فبرها" ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. قال: "ويحك، أحية أمك؟ قلت: نعم، يا رسول الله. قال: "ويحك، الزم رجلها، فثم الجنة".
وننبه إلى أن الواجب أن ينصح هذا الأخ الشقيق، ويذكر بخطورة مثل هذه العصبية والغضب، فقد يفتح عليه الشيطان بسبب ذلك أبوابًا إلى الشر يندم عليها حيث لا ينفع الندم، وليبين له سبل علاج الغضب واتقاء آثاره السيئة، ويمكن الاستفادة من الفتوى رقم: 8038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني