الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كل ما يجري في الكون بقدر

السؤال

شيخي الكريم.
أعاني من مرض الشك، وأتمنى إجابتي على بعض الأمور.
1- لقد قرأت عن القدر، وقرأت أن كل ما يحدث في هذا الكون بقدر.
فهل الأمور الصغيرة مثلا: (تساقط أوراق الشجر، أو شراء حيوان، أو طائر، وغيرها من الأمور الصغيرة) تدخل في القدر؟
2- هل إذا مسكت السكين مثلا وأخذت بالتقطيع، يأذن الله لهذه السكين بالقطع، أم إن الله خلق تأثيرها، ولا يحتاج سبحانه أن يأذن لها لتقطع؟
3- إذا كان كل شيء يحصل بقدر، والناس مجرد أسباب.
فلماذا نشكرهم، أليس الله هو الذي سخرهم لنا؟
وفي النهاية أتمنى أن أجد ردا شخصيا منك شيخي؛ لأنني بحاجة لتوضيح أكثر، وأتمنى أن تنصحني؛ لأن أطباء النفس قالوا لا تبحثي في الفتاوى، وتجاهلي، إلى أن تذهب عنك الفكرة. ولكن خوفي من أن أقع في الكفر، أو الشرك هو الذي يدفعني للبحث في الفتاوى.
أتمنى أن تنصحوني.
وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كل ما يجري في هذا الكون، أو يحدث فيه من حركة، أو سكون، صغيرا كان أو كبيرا. هو بقضاء الله تعالى وقدره، كما دلت على ذلك نصوص الوحي من القرآن، والسنة؛ فقد قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}، وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا {الفرقان:2}. وفي صحيح مسلم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات، والأرض بخمسين ألف سنة. وقال صلى الله عليه وسلم: كل شيء بقدر، حتى العجز، والكيس. أخرجه مسلم.

ويدخل في ذلك سقوط الأوراق، وشراء الأشياء، فكل ذلك قد قدره الله تعالى، وكتبه في اللوح المحفوظ؛ فقد قال الله تعالى: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {الأنعام:59}.

قال البغوي: يعني: أن الكل مكتوب في اللوح المحفوظ. اهـ.

وقال سبحانه: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ {الحج:70}.

قال ابن كثير: يخبر تعالى عن كمال علمه بخلقه، وأنه محيط بما في السموات، وما في الأرض، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض، ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك، ولا أكبر، وأنه تعالى علم الكائنات كلها قبل وجودها، وكتب ذلك في كتابه اللوح المحفوظ، كما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل خلق السموات، والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء». اهـ.

ونكتفي بجواب سؤالك الأول، ونرحب بسؤالك الثاني في رسالة أخرى، التزاما بنظام الموقع من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة، يجاب السائل على الأول منها فحسب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني