الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم هجر الأخت العاقة لوالدها المسيئة لإخوتها

السؤال

لدي قصة حزينة جدا تتفطر منها القلوب، تكاد تكون أغرب من الخيال، لكن للأسف فهذا كان واقعا ومأساة حقيقية أنا عشتها بالفعل، لدي شقيقة من أبي فقط تكبرني بحوالي 20 عاما، أنا ومنذ صغري كنت دائماً أشعر بوضوح أنها لا تحبّني ولا تحب إخوتي من أمي وأبي، لكن ولله تعالى فقط ومراعاة مني لصلة الرحم، فأنا تواصلت معها لاحقا بعد أكثر من 25 عاما من القطيعة التي لم يكن لي أي يد فيها؛ لأنني لم أكن أعرف عنها أي شيء إلا حين أتت الصدفة ورآها أخي في مكان ما فأعطته العنوان ورقم الهاتف، أنا تواصلت معها لكني لم أشعر يوما أن مشاعرها السلبية تجاهي قد تغيرت، لكني ضغطت على نفسي كثيرا فقط لأجل الله تعالى وصلة الرحم إلى أن أتى اليوم الذي بدأت أختي فيه تتجاوز حدود الأدب والأخلاق بالحديث عن إخوتي الذين هم من أمي وأبي بالباطل وكأنهم أعداء لها أيضا، (بل هي بدأت أيضا تتحدث بالباطل عن أبي) لدرجة أنها شتمته من خلال الرسائل النصية مرة، ومرة من خلال الهاتف (لأَني أعيش في الخارج منذ عدة أعوام)، ثم هي فعلت نفس الشيء تجاه أمي رحمها الله التي استلمتها هي وإخوتها من دار الأيتام، و ربَّتها في بيتنا هي وإخوتها الثلاثة الصبيان؛ (لأن أمها الحقيقية تركتهم في ملجإ الأيتام بدون أي رحمة أو إنسانية بعد أن طلقها والدي ثم تزوجت من رجل آخر)، لكن المرحومة والدتي تبنتهم جميعا بالاتفاق مع أبي، وارتضت لنفسها أن تعمل على خدمتهم وإعالتهم مع والدي كأنهم أطفالها بالضبط بعد أن تزوجت والدي مباشرة، وتعاملت معهم بكل حب ورحمة، أمي رحمها الله فعلت ذلك وأكثر بدلا من أمهم الحقيقية، وقامت بتربيتهم جميعا إلى أن اشتد عودهم وأصبحوا رجالا قادرين على الاعتماد على أنفسهم، وقامت أيضا بتجهيز أختي ثم زوجتها واطمأنت عليها بنفسها بدون حضور أمها، وفي النهاية هذا كان جزاء أمي المرحومة أعلاه من هذه الأخت العاقة، وحتى أبي كما ذكرت آنفا من خلال التجاوزات غير الأخلاقية المختلفة بالشكل الذي أدمى قلبي، والله أنا أشعر أن لدى هذه الأخت من الحقد ما يكفي العالم بأسره ويفيض؛ لدرجة أني أصبحت مقتنعة بأنها حاقدة (حتى على نفسها) لأنني وبالرغم من أني تناسيت حجم الأذى الذي لحق بي وإخوتي من أمي وأبي لكنها لا زالت حاقدة، بالرغم من أنها هي وإخوتها من آذاني أنا وإخوتي في الماضي حين كنا صغارا بطرق لا يمكن لكافر أن يفعلها بمسلم أو حتى أن يفكر بها، وأبسط هذه الأمور كان أنهم كانوا (يجعلوني أجلس أنا وإخوتي على سلك كهربائي فيه كشط من مكان ما، وكان هذا السلك ممتد طوليا ومربوط مع حبل للغسيل ومثبت في الجدران بطريقة شيطانية، وكانوا ينظرون إلينا ويضحكون علينا ونحن أطفال بعمر الزهور مستمتعين بتعذيبنا أنا وإخوتي بكافة الطرق والوسائل) متبعين بذلك نصيحة أمهم التي ظهرت مؤخراً لتفسد على أمي وأبي حياتهم؛ لأن والدي طلقها لأسباب مشروعة جدا لا أودّ التطرق لها، (علما أن ذلك كان قبل أن يتعرف على والدتي). حتى أنني لا زلت أذكر شقيقي الأكبر من أبي وما فعله بي (حين وضع في فمي عشرات الحبوب والكبسولات من مختلف الأدوية وأنا طفلة لدي فقط حوالي 6 أو 7 أعوام في ذلك الوقت إلى أن أصبت بالازرقاق من جراء الاختناق، وكدت أموت لولا رحمة الله تعالى ووصول أمي وأبي في آخر لحظة)، وهناك طريقة أخرى كانت متبعة معنا من قبل هؤلاء الأشقاء الظلمة وهي (أنهم كانوا يجلبون البطارية 9 فولت ويطلبون منا ونحن صغار لا نفهم شيئا أن نضعها على ألسنتنا، وطبعا بسبب الفولتية العالية في البطارية إذا استخدمت بهذا الشكل مقارنة مع لسان طفل صغير، كنا نتألم بشكل لا يمكن تخيله، يمكنك فقط أن تتخيل ذلك وتخمن ما الذي سيحصل)! والله يا شيخ الله تعالى يشهد أن كل ما ذكرته لك وأكثر هو صحيح 100٪ ، لذلك ،ولأن صبري قد نفد على هذه الأخت الظالمة، ولأنها شتمت أهلي بوضوح كما ذكرت بدون أدنى تفكير حتى في العواقب وغضب الله تعالى عليها، أو بحق أهلي (لأن أبي هو والدها أيضا، وأمي رحمها الله هي من قام بتربيتها وتزويجها أيضا كما ذكرت)، فلهذا السبب تحديدا أنا قطعت علاقتي بها تماما بعد أن كنت أغالط نفسي بأنها سوف تتحول في يوم ما إلى أخت حقيقية بالنسبة لي؛ لأني كنت بأمس الحاجة لهذا الشعور؛ لأنني أنا البنت الوحيدة من أمي وأبي ولدي فقط شقيقان ذكور، لذلك فالسؤال الآن هو:
هل أنا أكون آثمة إذا استمررت بمقاطعة هذه الأخت العاقة الظالمة، خاصة بعد كل ما فعلت مما اهتز له عرش الرحمن من شدة العقوق، وقطيعة الرحم، رجاء أفتوني في أمري، وتأكد يا شيخ أنني أملك من حب الله تعالى والإيمان به في قلبي ما سوف يمدني بالقوة والصبر وسوف يجعلني أتبع كل حرف سوف تقوله أو تنصحني به، بالرغم من أني لا أتمنى أبدا أن أتحدث إليها أو حتى أن أراها صدفة في يوم ما.
شكرًا لكم وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فإنّ هذه الأخت مسيئة لمن أحسن إليها، وعاقة لوالدها، وقاطعة لرحمها، لكن مع ذلك فإنّ الأصل ألا تقطعيها إلا إذا تعينت القطيعة لمنع الضرر من جهتها، وراجعي الفتوى رقم: 99359.
ويجوز لك قطعها إذا كان الغرض زجرها عن المنكرات التي تفعلها، لكن الأولى مراعاة المصلحة الشرعية، فإن غلب على ظنك أنّ مقاطعتها تفيد في ردّها إلى الصواب فاقطعيها حتى تتوب عن تلك المنكرات، و إن غلب على ظنك أنّ الأصلح لها الصلة مع مداومة النصح فصليها وانصحيها، وانظري الفتوى رقم: 14139.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني