الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قيام الساعة ويوم البعث

السؤال

أرجو الإجابة على السؤال: هل يوم القيامة اليوم الذي يقوم على شرار الخلق ويوم البعث نفس اليوم أم يومان منفصلان؟ وهل يحضر جميع الخلق يوم القيامة أم تقوم على فئة معينة فقط؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن قيام الساعة على شرار الخلق يحصل عند النفخة الأولى وهي نفخة الصعق، ثم يبعث جميع الناس بعد ذلك عند النفخة الثانية يوم القيامة وهو يوم البعث الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين، كما قال الله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر:68]، وقال الله تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا {النساء:87}، وقال تعالى: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا {مريم:95}، وقال تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ {المؤمنون:16}، وقال تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {المجادلة:6}، وبين هاتين النفختين مدة زمنية، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين النفختين أربعون، وقد سئل أبو هريرة عن معنى الأربعين فأبى أن يحدد هل هي أربعون سنة، أو أربعون شهرا، أو أربعون يوما.

وقد مال النووي والبغوي والطبري والقرطبي والشوكاني والألوسي وابن الجوزي إلى أن ما بينهما أربعون سنة.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن النفخات ثلاث: نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث.
وفي لوامع الأنوار للسفاريني الحنبلي بتصرف: ونفخة الفزع هي التي يتغير بها هذا العالم، ويفسد نظامه، وهي المشار إليها في قوله تعالى: {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق} أي: من رجوع ومرد، .. فيسير الله الجبال، فتمر مر السحاب فتكون سرابًا، وترتج الأرض بأهلها رجًّا فتكون كالسفينة الموقرة في البحر تضربها الأمواج، فتميل الأرض بالناس على ظهرها، فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار فتتلقاها الملائكة، فتضرب وجوهها فترجع، ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضًا، وهو الذي يقول الله تعالى: {يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم} [غافر: 32 - 33] فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض، فانصدعت من قطر إلى قطر، فرأوا أمرًا عظيمًا ثم نظروا إلى السماء، فإذا هي كالمهل، ثم انشقت، فانتثرت نجومها، وانخسفت شمسها وقمرها، وهو عذاب يبعثه الله على شرار خلقه، فيمكثون في ذلك ما شاء الله .. ثم تأتي النفخة الثانية: نفخة الصعق، وفيها هلاك كل شيء إلا من شاء الله ـ وهم: حملة العرش، وجبريل، وميكائيل، وإسرافيل ـ .. فإذا ماتوا جميعًا ولم يبق إلا الله الواحد القهار طوى السماء والأرض كطي السجل للكتب، وقال: أنا الجبار، {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] " ثلاث مرات، فلم يجبه أحد، ثم يقول لنفسه: {لله الواحد القهار} [غافر: 16] ويبدل الأرض غير الأرض والسموات، فيبسطها، ويسطحها، ويمدها مد الأديم، لا ترى فيها عوجًا، ولا أمتا ... ثم تأتي النفخة الثالثة، وهي : نفخة البعث والنشور، كما قال تعالى {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} [الزمر: 68] ثم يحشر الخلائق جميعًا إلى الموقف العظيم ... اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني