الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المقصود بالسنة في حديث: عليكم بسنتي

السؤال

كيف أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالسنة، والأمر في الشرع واجب، وتعريفه: ما عوقب تاركه، وتعريف السنة: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه؟ "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ".

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كلمة السنة يختلف المراد بها بحسب المتعارف عليه عند أهل الاصطلاح فيعرفها الفقهاء بأنها: ما يقابل الواجب، فتكون بمعنى المستحب والمندوب، وهذا يشمل كل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم أو رغّب في فعله لا على سبيل الإلزام، بل على سبيل الاستحباب والندب.

والسنة بهذا الاصطلاح هي ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
وأما أهل الحديث فيعنون بها: كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
وهذا يختلف الحكم فيه بحسب حاله وتكتنفه أحكام التشريع الخمسة، فمن السنن ما يكون واجباً كإعفاء اللحية، ومنها ما يكون مندوباً كالسواك، ومنها ما يكون مباحاً كأفعال النبي صلى الله عليه وسلم الجِبِلِّيَّة كالقيام والقعود والأكل والشرب ونحو ذلك، ومنها ما يكون مكروهاً كالوصال في الصيام لغير النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما يكون محرماً كالنكاح لأكثر من أربع نسوة لغير النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد يراد بالسنة عند الفقهاء ومن يتكلمون في العقيدة: ما يقابل البدعة وهذا هو المراد بالحديث الذي أشرت إليه: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين. أخرجه الترمذي وابن ماجه والدارمي وأحمد.

وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: السنة: هي الطريقة المسلوكة، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات، والأعمال، والأقوال... وقال مالك: قال عمر بن عبد العزيز: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننًا، الأخذ بها اعتصام بكتاب الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تبديلها، ولا تغييرها، ولا النظر في أمر خالفها، من اهتدى بها، فهو مهتد، ومن استنصر بها، فهو منصور، ومن تركها واتبع غير سبيل المؤمنين، ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم، وساءت مصيرًا. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: قوله: فمن رغب عن سنتي، المراد بالسنة الطريقة لا التي تقابل الفرض، والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره، والمراد مَنْ ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني...، إلى أن قال: وقوله (فليس مني): إن كانت الرغبة بضرب من التأويل يعذر صاحبه فيه، فمعنى ليس مني أي على طريقتي ولا يلزم أن يخرج عن الملة، وإن كان إعراضاً وتنطعاً يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله، (فليس مني) ليس على ملتي لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني