الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حلف ألا تشتري زوجته ملابس صيفية إلا في فصل الصيف فاشتدت حرارة الجو في منتصف الربيع

السؤال

أرادت زوجتي شراء ملابس صيفية في الشتاء من مالها، وكنت في حاجة وشدة وضيق، فحلفت أن لا آذن لها بشراء هذه الملابس إلى الصيف، وأقصد إلى وقت حاجتها الحقيقية، ولا أقبل أن نخزن الملابس ونحن في هذه الحالة، ثم تغيرت الأجواء في هذا البلد، وأصبح الجو حاراً الآن قبل قدوم الصيف بالمعايير الرسمية، فنحن في منتصف الربيع، ولكن لم يعد بالإمكان استعمال الملابس الشتوية، وصار الناس يستخدمون الملابس الصيفية والربيعية، والآن في اليوم الثاني من الشهر الخامس من السنة الميلادية، فأذنت لها بشراء هذه الملابس، ولكن لم يدخل الصيف حسب المعايير الرسمية ـ أي في 21 من الشهر السادس ـ والوقت الذي حلفت فيه لم أكن أعلم هذه المعلومة، ولم أقصد اليوم الذي دخل فيه الصيف عالمياً، بل أردت أن تصبح الحاجة قائمة لهذه الملابس، فهل تجب علي الكفارة؟ وفي حال كانت تجب علي، فهل علي الإطعام والكساء، علماً بأنني لا أملك مصروف بيتي إلا لأيام قليلة، ولو أخرجت ثمن الإطعام ما بقي معي شيء، وأسكن بالأجرة ولا أجدها إلا بالعناء وبالدين والصدقة أحياناً، فهل يجوز لي الصيام إن وجبت علي الكفارة؟.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمادمت تقصد بيمينك أن لا تشتري زوجتك ملابس الصيف إلا وقت حاجتها لها، وقد اشترتها وقت حاجتها، فلا شيء عليك ولا كفارة، ولو كان تقديرك لوقت دخول الصيف خاطئا، فإن مبنى اليمين على نية الحالف، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ أو مخالفًا له، فالموافق للظاهر أن ينوي باللفظ موضوعه الأصلي قبل أن ينوي باللفظ العام العموم، وبالمطلق الإطلاق، وبسائر الألفاظ ما يتبادر إلى الأفهام منها. والمخالف يتنوع أنواعاً: أحدها أن ينوي بالعام الخاص.. ومنها أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقًا وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه، ومنها أن ينوي بيمينه غير ما يفهمه السامع منه ـ كما ذكرنا في المعاريض ـ ومنها أن يريد بالخاص العام... انتهى.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين بعد أن ذكر أقوال العلماء ونقل نصوصهم الدالة على اعتبار البساط، قال رحمه الله تعالى: وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النِّيَّةَ تُؤَثِّرُ فِي الْيَمِينِ تَخْصِيصًا وَتَعْمِيمًا، وَإِطْلَاقًا وَتَقْيِيدًا، وَالسَّبَبُ يَقُومُ مَقَامَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا، فَيُؤَثِّرُ مَا يُؤَثِّرُهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ بِهِ، وَلَا يَحْمِلُ النَّاسُ عَلَى مَا يَقْطَعُ أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوهُ بِأَيْمَانِهِمْ، فَكَيْفَ إذَا عَلِمَ قَطْعًا أَنَّهُمْ أَرَادُوا خِلَافَهُ؟. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 53941، 177391، 182913.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني