الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الجلوس في مجلس لا يذكر فيه الله وحكم مقاطعته

السؤال

ما حكم الجلوس في مجلس لا يذكر فيه الله؟ وهل أقاطع هذه المجالس؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المجلس الذي يحصل فيه اللغو والكلام الذي لا فائدة فيه، ولم يبلغ درجة المعصية، يطلب الإعراض عنه وعدم المشاركة مع الجلساء في لغوهم، ولا يجب ذلك ما لم تكن هناك غيبة أو كلام محرم، فقد قال الله تعالى مرغبا في تركه والإعراض عنه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {المؤمنون: 1ـ3}.

فقد فسر ابن كثير اللغو في هذه الآية بالباطل، وهو يشمل الشرك والمعاصي، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال، وقال تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ {القصص:55}. وقال في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا {الفرقان: 72}.

وفي الحديث: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة. رواه أبو داود.

وقال أيضا: ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على نبيهم فيه؛ إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن ـ والحديثان صححهما الألباني.

قال الشيخ العثيمين في شرح رياض الصالحين عند شرح حديث: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار ـ قال رحمه الله: هذه الأحاديث تدل على أنه ينبغي للإنسان إذا جلس مجلسا أن يغتنم ذكر الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حيث إنها تدل على أنه ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا كان عليهم من الله ترة، يعني قطيعة وخسارة، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، ويتحقق ذكر الله عز وجل في المجالس بصور عديدة، فمثلا إذا تحدث أحد الأشخاص في المجلس عن آية من آيات الله عز وجل، فإن هذا من ذكر الله مثل أن يذكر حالة من أحوال النبي عليه الصلاة والسلام مثل أن يقول كان النبي عليه الصلاة والسلام أخشى الناس لله وأتقاهم لله، فيذكر عليه الصلاة والسلام ثم يصلي عليه والحاضرون يكونون إذا استمعوا إليه مثله في الأجر، هكذا يكون ذكر الله عز وجل والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم... ومن ذلك أيضا أنه إذا انتهى المجلس وأراد أن يقوم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ـ وفي هذه الأحاديث دليل على أنه ينبغي للإنسان ألا يفوت عليه مجلسا ولا مضطجعا إلا يذكر الله حتى يكون ممن قال الله فيهم: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ....اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني