الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من المكر والخداع لأكل مال الناس بالباطل

السؤال

شاب كبير يقلد حدثا في الكلام عن طريق الجوال، ويتحايل ويطلب ممن يحبون هذه الفئة فلوسا وهدايا ـ فئة الأحداث الصغار ـ فنصحه جماعة من الشباب بحرمة ما يفعله، فرد عليهم بأن يأتوا بفتوى أنه حرام وسيتركه.
وجزاكم الله عنا خير جزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المراد أن شابا يحاكي صوت حدث صغير ليغري ضعاف النفوس ممن يميلون للأحداث بإهدائه: فهذا صنيع مرذول محرم شرعا، ويجمع عدة محاذير، كخداع المسلم والمكر به، قال الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الثانية بعد المائتين ـ المكر والخديعة، قال تعالى: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله {فاطر: 43} وأخرج الطبراني في الكبير والصغير بإسناد جيد، وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار ـ ورواه أبو داود عن الحسن مرسلا مختصرا، قال: المكر والخديعة والخيانة في النار ـ وفي حديث: لا يدخل الجنة خب: أي مكار، ولا بخيل ولا منان ـ وفي آخر: المؤمن غر كريم والفاسق خب لئيم ـ وقال تعالى عن المنافقين: يخادعون الله وهو خادعهم {النساء: 142} أي مجازيهم بما يشبه الخداع على خداعهم له، وذلك أنهم يعطون نورا كما يعطى المؤمنون، فإذا مضوا على الصراط أطفئ نورهم وبقوا في الظلمة، وفي حديث: أهل النار خمسة، وذكر منهم رجلا لا يصبح ولا يمسي إلا وهو مخادعك عن أهلك ومالك ـ تنبيه: عد هذا كبيرة، صرح به بعضهم، وهو ظاهر من أحاديث الغش السابقة ومن هذا الحديث، إذ كون المكر والخديعة في النار ليس المراد بهما إلا أن صاحبهما فيها، وهذا وعيد شديد. اهـ.

وفيه كذلك: أكل لمال الناس بغير حق، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29} قال ابن جرير الطبري: الباطل الذي نهى الله عن أكل الأموال به، هو ما وصفنا مما حرمه على عباده في تنزيله، أوْ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وقد أخرج أحمد في المسند مرفوعا: إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه... الحديث. وصححه الألباني بشواهده.

ومن تحصل على أموال بهذه الطريقة، فلا يحل له الانتفاع بها، بل يجب عليه التخلص منها، بالصدقة بها في وجوه الخير، كما بيناه في الفتوى رقم: 229198.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني