الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة من جامع زوجته عدة أيام من رمضان لا يعلم عددها

السؤال

شيخنا الكريم، تزوجت منذ ست سنوات تقريبًا، وكنت أحيانًا في نهار رمضان أقوم بمداعبة زوجتي، وكنت أقوم بالإيلاج من دون قذف دون علم مني أن هذا يفطر ويبطل الصيام؛ حيث كنت أظن بأن القذف هو الذي يبطل الصيام، والآن قرأت في مواقع بأن هذا يبطل الصيام. فما الحكم الواجب عليّ؟ مع العلم بأني لا أعلم عدد هذه الأيام.
وجزاك الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا شك أن الجماع في نهار رمضان مفسد للصيام وموجب للكفارة ولو لم يحصل به إنزال، وهو أعظم المفطرات وأشدها لكونه يوجب الكفارة مع القضاء؛ جاء في الموسوعة الفقهية: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ إِذَا كَانَ عَامِدًا، وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الإْنْزَال؛ لأِنَّ الإْنْزَال شِبَعٌ، وَقَضَاءُ الشَّهْوَةِ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ، وَقَدْ وَجَبَ بِهِ الْحَدُّ وَهُوَ عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ، فَالْكَفَّارَةُ الَّتِي فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ أَوْلَى. اهـ.
وجهلك بهذا لا تعذر به إن كان مثلك لا يجهله فما دمت تعيش في بلاد الإسلام -كما يظهر من بيانات السؤال-، وغالب الناس في بلاد المسلمين لا يجهلون أن الجماع مفسد للصيام، فلا تعذر بجهلك -فيما نرى- لكونه ناتجًا عن تقصير منك، وتفريط في طلب العلم؛ قال الإمام السيوطي -رحمه الله-: كل من جهل تحريم شيء مما يشترك فيه غالب الناس لم يقبل منه دعوى الجهل، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية يخفى فيها مثل ذلك كتحريم الزنا والقتل والخمر والكلام في الصلاة والأكل في الصوم. اهـ.

وأيضا إذا كنت تعلم بحرمة الجماع وجبت عليك الكفارة ولو لم تكن تعلم أنها مترتبة على الجماع؛ فتلزمك الكفارة عن كل يوم جامعت فيه، وانظر الفتوى رقم: 205162 عمن جامع في نهار رمضان جاهلًا، والكفارة عن كل يوم عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينًا، ويلزم زوجتك القضاء أيضًا، وفي لزوم الكفارة لها خلاف بين العلماء تنظر لمعرفته الفتوى رقم: 125159، والأحوط والأبرأ للذمة هو أداء الكفارة.
وإن كنت لا تعلم عدد الأيام التي أفسدتها بالجماع، فإنك تقضي ما يغلب على ظنك براءة الذمة به، وقال بعض الفقهاء بل تقضي ما تتيقن براءة الذمة به، ولا تكتفي بغلبة الظن، وهذا أحوط؛ قال محمود خطاب السبكي في كتابه الدين الخالص: فائدة: من فاتته فرائض لا يدري عددها، يلزمه القضاء حتى يغلب على ظنه براءة ذمته عند الحنفيين، ومالك، وحتى يتيقن براءتها عند الشافعية، والحنبلية. اهـ.

وانظر المزيد من أقوال الفقهاء فيمن عليه فوائت هل يقضي بناء على غلبة الظن أم حتى يتيقن براءة الذمة؟ وذلك في الفتوى رقم: 239047.
وانظر أيضًا الفتوى رقم: 163561 عن حكم من جامع زوجته نهار رمضان عدة مرات لا يعلم عددها.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني