الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم فسخ الخطبة لقلة جمال المخطوبة

السؤال

أنا شاب عمري 27 عامًا، مسافر إلى إحدى دول الخليج، وسافرت إجازة اضطرارية لمدة أسبوعين لبلدي لأخطب فتاة، وبعد ما كررت الرؤية الشرعية مرة أخرى وافقت على هذه الفتاة، وبعدها بأسبوع أحسست أن شكلها يؤرقني من ناحية بشرة جسمها، وازداد الموضوع معي عندما دخلت لي وهي منتقبة، ورأيت أن لون بشرتها غير التي رأيتها من قبل، وازداد معي الأمر عندما طلبت منها أن أراها مرة أخرى قبل ما أسافر باستئذان أهلها، فقالت لي أني تحققت من رؤيتها، وسافرت وأنا منزعج من هذا الأمر، وتوجد وساوس قهرية بداخلي من ناحية الشكل، وأنا غير مقتنع بها إلى هذا اليوم، وأخبرت أختي بذلك فكانت معها صورة لها وهي بالمكياج يوم الشبكة، فكانت الصورة أقل من صورتها الحقيقة والتي وضعت لها المكياج، ظلمتها، مع العلم أني مسحت الصورة من جوالي، وأنا الآن أعاني من هذا الأمر منذ حوالي ثلاثة أشهر، وفاتحت خطيبتي في هذا الأمر، فقال لي أهلها: عند ما تنزل تراها. وطلبت منهم أن أراها علي مكالمة فيديو أو إرسال صورة لها، فرفضوا، فأنا الآن في حيرة شديدة، ومتردد جدًّا من ناحية الفتاة، وكل ما أرى فتاة لون بشرتها بيضاء أقول: إني تسرعت، وأنا كنت في حاجة للبشرة البيضاء. فماذا أفعل؟ وأنا محتار بين أمرين إن صبرت عند ما أنزل إجازة مرة أخرى إلى بلدي أن أرى الفتاة ولا تعجبني، وفي هذه الحالة أرفض ويكون الأمر محرجا جدًّا لأهلها، وإما الأمر الآخر أن أظل في عذاب طوال هذه الفترة، وأضطر لفسخ الخطبة، وأخشى إن فسخت خطبتي هذه المرة أتعقد من موضوع الزواج، وخصوصًا أني خطبت من قبل، وإن استمررت مع هذه الفتاة أظلمها؛ فأنا الآن في صراع شديد جدًّا، لا أدري ماذا أفعل؟ وكررت صلاة الاستخارة كثيرًا جدًّا، وغير مستقر على رأي، وهذه الفتاة على خلق ودين، أما موضوع الجمال فأحتاجه، وخاصة أني خطبت فتاة أجمل في المرة الماضية، فدلوني علي جواب شاف وقاطع للأمر حتي لا أتلاعب ببنات الناس، وأنا أخاف من الظلم، وخاصة أني استشرت أناسًا كثيرين وكل واحد يعطيني إجابة، أريد أن أحسم الأمر مرة واحدة وأريح نفسي وأرتاح لجواب كاف شاف.
وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت هذه الفتاة على دين وخلق كما ذكرت، فهذا من أهم ما يرتجى في المرأة التي يراد نكاحها؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك". ولا بأس بأن يطلب الخاطب غيره من الصفات، لكن ينبغي أن يكون الدين مقدمًا على غيره، ويكون المعيار في القبول والرد؛ قال الإمام أحمد بن حنبل: "إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولًا؛ فإن حمد سأل عن دينها، فإن حمد تزوج، وإن لم يحمد يكون رده لأجل الدين، ولا يسأل أولًا عن الدين؛ فإن حمد سأل عن الجمال، فإن لم يحمد ردها، فيكون ردها للجمال لا للدين". فإن كانت هذه الفتاة مقبولة الجمال فلا تفوت فرصة زواجك منها، فربما تزوجت من هي أجمل منها، ولكن لسوء خلقها ترى منها القبح، وكل امرأة يرى الناس أنها جميلة يرون من هي أجمل منها، فالمهم أن تكون مقبولة -كما ذكرنا-، وعندئذ كرر الاستخارة فيها، وأقدم على الزواج، فإن كان في زواجك منها خير يسره الله، وإلا صرفك عنها، وانظر الفتوى رقم: 123457.

وإن كانت على حال تخشى معه أن يكون الزواج فاشلًا، ولا تكون المعاشرة بينكما بالحسنى، فأعرض عنها وافسخ الخطبة، فهذا أهون من أن يتم الزواج ويكون الطلاق، وفسخ الخطبة جائز لكل من الطرفين، ولا سيما إن دعت إليه حاجة، ويكره لغير حاجة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18857.

وبخصوص حكم تكرار النظر إلى المخطوبة: راجع الفتوى رقم: 142973.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني