الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من دعا على نفسه بغير قصد

السؤال

إخواني في الله، اليوم كنت أصلي بعض النوافل ابتغاء التقرب من الله، وكنت في كل سجدة أدعو الله: "اللهم اجعل لي جبالًا من الحسنات وتخطى عن سيئاتي". ثم كنت أكررها كثيرًا، ومن قوة التكرار أخطئ في الدعوة فأقول: "اللهم اجعل لي جبالًا من السيئات وتخطى عن حسناتي"، فدعوت الله كثيرًا بعد تلك الصلاة ألا يقبل مني أي دعوة من تلك الدعوات. فهل يمكن أن تكون الدعوة مقبولة؟ وكيف أبطلها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما جرى على لسانك من الدعاء على نفسك غلطًا لا مؤاخذة فيه لعدم القصد؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. رواه ابن ماجه، وغيره، وصححه الألباني.

مع أن بعض أهل العلم قال إن دعاء الشخص على نفسه حتى وإن كان عمدًا من قبيل اللغو فلا يستجاب؛ جاء في تفسير البغوي: قال زيد بن أسلم: ومن اللغو دعاء الرجل على نفسه تقول لإنسان: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدًا، ويقول: هو كافر إن فعل كذا. فهذا كله لغو لا يؤاخذه الله به، ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة، كما قال تعالى: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم، قال ابن عباس: هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده: لعنكم الله، ولا بارك الله فيكم. قال قتادة: هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب. اهـ

وقال ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفًا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم أو لأولادهم بالخير والبركة والنماء، ولهذا قال: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم. اهـ.
وبناء على ذلك؛ فالدعاء الذى صدر منك غلطًا لن يكون مستجابًا -إن شاء الله تعالى-, وبالتالي؛ فلا داعي للحرج الذي تشعر به, ولن يكون له تأثير -بإذن الله تعالى-, وراجع المزيد في الفتوى رقم: 56526.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني