الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حل استشكال خوف النبي من نزول العذاب بقومه وهو فيهم

السؤال

لماذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخشى إذا تشابكت الغيوم، ويعتقد أن الله سوف يعذب قومه، مثل ما عذب قوم نوح، مع أن الله وعده أن لا يعذب قومًا وهو فيهم ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكر بعض العلماء هذا الإشكال بين آية الأنفال هذه، وبين حديث عائشة -رضي الله عنها- المتفق عليه.

وكان ممن أجاب عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري حيث قال: الْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فِي آيَةِ الْأَنْفَالِ احْتِمَالُ التَّخْصِيصِ بِالْمَذْكُورِينَ، أَوْ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، أَوْ مَقَامُ الْخَوْفِ يَقْتَضِي غَلَبَةُ عَدَمِ الْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَأَوْلَى مِنَ الْجَمِيعِ أَنْ يُقَالَ: خَشِيَ عَلَى مَنْ لَيْسَ هُوَ فِيهِمْ أَنْ يَقَعَ بِهِمُ الْعَذَابُ. أما الْمُؤمن؛ فشفقة عَلَيْهِ لِإِيمَانِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ؛ فَلِرَجَاءَ إِسْلَامِهِ، وَهُوَ بعث رَحْمَة للْعَالمين. اهـ

وقول السائل: (ويعتقد -أي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله سوف يعذب قومه، مثل ما عذب قوم نوح)، فليس في الحديث ما يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتقد ذلك، ويجزم به، بل في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم ما يفهم منه خلاف ذلك، فقد قالت فيه عائشة -رضي الله عنها-: كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، إذَا رَأَى مَخِيلَةً في السَّمَاءِ، أقْبَلَ وأَدْبَرَ، ودَخَلَ وخَرَجَ، وتَغَيَّرَ وجْهُهُ، فَإِذَا أمْطَرَتِ السَّمَاءُ، سُرِّيَ عنْه، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذلكَ، فَقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ما أدْرِي، لَعَلَّهُ كما قالَ قَوْمٌ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أوْدِيَتِهِمْ} [الأحقاف: 24] الآيَةَ.

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: ما أدري لعله ... إلخ. يفهم منه عدم الجزم بحصول العذاب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني