الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اشتراط البائع على المشتري عدم بيع السلعة في بلاد محددة

السؤال

أعمل في تجارة الكتب. أستورد كتباً من دور نشر، بغرض إعادة البيع، وتحقيق الربح. توجد نصوص اتفاق بيني وبين هذه الدور، أغلبها كتابي، وبعضها شفهي. تنص بعض هذه الاتفاقيات، على السماح لي بشراء الكتب من هذه الدور؛ لإعادة بيعها في دول محددة، دون التطرق في نص الاتفاق، لباقي دول العالم. بينما ينص بعضها الآخر، على السماح لي بشراء الكتب للبيع في دول محددة، مع تحريم البيع في دول محددة أخرى.
1- قمت ببيع بعض الكتب في دولة لم يتطرق لها الاتفاق المكتوب، بيني وبين المورد، ودون أن أعلمهم؛ لأنني أعتقد أنهم لن يرضوا بذلك.
2- قمت أيضاً ببيع بعض الكتب في دولة ممنوع البيع فيها، حسب نص الاتفاق بيني وبين المورد. عند سؤال المورد لي: أين ستباع هذه الكتب؟ قلت له: إنها ستباع في البلاد المسموح بها (أي أنني كذبت).
السؤال: هل المال الذي كسبته حلال في كلتا الحالتين؟
جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المعاملة التي تحصل بينك وبين دور النشر مشتملة على بيع وشرط ينافي مقتضى عقد البيع، حيث يشترطون أن لا تبيع الكتب في بعض البلدان المعينة.

وهذا النوع من البيوع منهي عنه شرعا، فقد روى الطبراني عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط.

وعند جمهور أهل العلم أن هذا النوع من الشروط مبطل للبيع، ومنهم من يجيزه إذا كان الشرط إنما يستثني قليلا من الناس كفلان، أو جماعة محدودة.

جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: فأما الشرط الذي يناقض مقتضى العقد، فهو الذي لا يتم معه المقصود من البيع، مثل أن يشترط عليه أن لا يبيع، ولا يهب. وهذا إذا عمم، أو استثنى قليلا كقوله: على أن لا تبيعه جملة، أو لا تبيعه إلا من فلان. وأما إذا خصص ناسا قليلا، فيجوز. قال اللخمي: وإن باعه على أن لا يبيعه من فلان وحده، جاز. وإن قال: على أن لا تبيعه جملة، أو لا تبيعه إلا من فلان، كان فاسدا. ثم قال: وإن قال: على أن لا تبيع من هؤلاء النفر، جاز. اهـ.

والراجح عندنا صحة البيع، مع بطلان الشرط، كما تقدم في الفتوى رقم: 105702، والفتوى رقم: 110193.

وعليه، فإن الواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى من الإقدام على هذا النوع من المعاملات المحرمة، ومن الكذب أيضا.

أما المال الذي كسبته من بيع الكتب، فهو حلال عليك؛ لأن البيع -كما رجحنا صحيح، والشرط باطل- وبالتالي فالكتب ملك لك بموجب العقد الحاصل، ويجوز لك أن تبيعها حيث شئت، وتنتفع بما يحصل لك من أثمانها.

وعليك مستقبلا أن تحذر من الإقدام على مثل هذا النوع من المعاملات المنهي عنها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني