الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة زوجية وعلاجها

السؤال

حدثث مشكلة بيني وبين زوجتي؛ حيث كنت في العمل وعند ما رجعت إلى البيت طلبت منها الذهاب إلى بيت أبيها بعدها الغداء، مع العلم أني كنت أسكن في بيت عائلتها، وعند ما ذهبت قمت بفتح جهاز الآيباد فخرجت لي بعض الرسائل، ووجدت أنها تتحدت مع شخص آخر لا أعرفه، عند ما ناديت عليها قامت بمسح هذه الرسائل عن طريق هاتفها، وهذه الرسائل كانت عبر الفيس بوك، فذهبت وأحضرتها من بيت أبيها إلى الجناح الذي أسكن فيه، وسألتها: من هذا؟ عدة مرات، فلم تجب، فضربتها بقوة بعض الشيء، بعد ذلك قالت لي إنه أستاذها، مع العلم أنها تخرجت منذ أربع سنوات، وقلت لها: أحضري هاتفك. فلم ترد الذهاب، فأخدت بيدها بقوة وذهبت بها إلى بيت أهلها، فخرج لي والدها وأمها بقوة ويقولون: ما الذي حصل؟ وأنا أصبحت أصيح عليهم، وبعد ذلك خرجت لعدة دقائق وعدت بهدوء، ولكن قد قالت لهم إنه ضربني، فأصبحوا يشتمونني، ووالدها ضربني، وأنا كنت أعتذر، ولكن قال لي: اخرج من منزلي. و تكلموا مع أمي وأبي، وأتوا أمي وأبي حاولوا تهدئة الموضوع ولكن دون فائدة، وعندما تحدثث معها أمي أخرجت جميع أسرار الزوجية، ومنها أني قد تكلمت مع فتاة غيرها وغير ذلك، مع العلم أني قد تبت من هذا الذنب أمام الله ثم أمامها، وقد قبلت أسفي، ولكن أصبحت تشك في جميع حركاتي، وهي الآن في بيت أبيها وأنا قد استأجرت شقة، ولكن هي لا تريد الرجوع الآن، مع العلم أني أريد إرجاعها وقد اتفقت مع أبيها أنني سأعالج الأعصاب المفرطة، وبالفعل قد بدأت في العلاج، فما حكم كل ذلك في الدين؟
وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت زوجتك تحادث رجلًا أجنبيًّا عنها فقد أتت أمرًا منكرًا قد يفتح عليها باب الفتنة والفساد، فهي بذلك قد عصت ربها، وفرطت في حق زوجها، فمن حقك عليها أن تحفظك -حال غيابك- في نفسها، قال تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ... {النساء:34}. قال السدي، وغيره: أي: تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. نقله عنه ابن كثير في تفسيره. وإذا كان هذا الرجل أجنبيًّا عنها فلا فرق بين أن يكون أستاذها أو غيره.

والغضب عند انتهاك حرمات الله محمود وفي محله، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 118084، ولكن المشكلة في الانفعال والعصبية التي قد تؤدي إلى التجاوز وفعل ما لا يحمد، فلو أنك ما وصلت إلى هذا الحد لكنت في عافية من أن تدخل نفسك في هذا الموقف الحرج مع والديها، وأن تنال من والدها مثل ما فعلت بها من الضرب، علمًا بأن ضرب الزوجة له ضوابطه الشرعية التي ينبغي مراعاتها، وراجعها في الفتوى رقم: 69.

ولا يجوز لزوجتك رفض العودة إلى البيت، وليس من حق أهلها منعها من ذلك لغير عذر شرعي، فإن أصر والداها على منعها فابعث إليه بعض العقلاء من الناس ليحاولوا إقناعه، فإن أبى إلا العناد فارفع الأمر إلى القضاء الشرعي.

وننبه إلى أمرين:

الأول: أن إفشاء أسرار الزوجية منهي عنه شرعًا، وتراجع الفتويان: 76086، 58545.

الثاني: الشك في تصرفات الزوج إن لم تكن هنالك بينة تسنده نوع من سوء الظن نهى عنه الرب -تبارك وتعالى- في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}. وللمزيد راجع الفتوى رقم: 10077.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني