الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء على الولد بالموت لنوال شفاعته.. رؤية شرعية

السؤال

ما حكم التمني والدعاء بموت أحد الأبناء، وذلك لعظم الأجر وشرف الشفاعة يوم القيامة بدخول الجنة، ولما له من الفضل العظيم في ذلك؟ أرجو التفصيل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- الوالد أن يدعو على ولده، وذلك في قوله: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم. الحديث رواه مسلم عن عبادة بن الصامت.

وفي حواشي الشرواني على تحفة المحتاج: ويكره للإنسان أن يدعو على ولده أو نفسه أو ماله أو خدمه، لخبر مسلم في آخر كتابه، وأبي داود، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. قال الرشيدي: والظاهر أن المراد بالدعاء: الدعاء بنحو الموت، وأن محل الكراهة عند الحاجة كالتأديب ونحوه، وإلا فالذي يظهر أنه بلا حاجة لا يجوز على الولد والخادم. انتهى.

وفي حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (ص: 377): ولا يباح الدعاء على أحد من المسلمين بالموت بالطاعون ولا بشيء من الأمراض ولو كان في ضمنه الشهادة. اهـ.

وأما ما تطلبه من شفاعة الولد والأجر ودخول الجنة فلعله أن تنال أفضل منه لو طال عمره وكان يدعو لك بالخير، فقد قال النووي في شرح صحيح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة، لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. اهـ.

وقال صاحب عون المعبود: أما هذه الثلاثة فأعمال تجدد بعد موته لا تنقطع عنه لكونه سببا لها، فإنه تعالى يثيب المكلف بكل فعل يتوقف وجوده توقفًا ما على كسبه سواء فيه المباشرة والسبب، وما يتجدد حالًا فحالًا من منافع الوقف ويصل إلى المستحقين من نتائج فعل الواقف، واستفادة المتعلم من مآثر المتقدمين وتصانيفهم بتوسط إرشادهم، وصالحات أعمال الولد تبعًا لوجوده الذي هو مسبب عن فعل الوالد كان ذلك ثوابًا لاحقًا بهم غير منقطع عنهم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني