الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يسوغ المنع من إيقاظ النائم للصلاة؟

السؤال

ما حكم نوم أختي عن الصلاة وهي قادرة على القيام لها، وأمي تمنعني أن أوقظها للصلاة وتقول إنها معذورة لأجل النوم، وأنا أرى أن لا عذر لها ما دمت أستطيع إيقاظها، وهي ليست مريضة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالنائم له حالتان:

الأولى: أن ينام قبل دخول وقت الصلاة، فالأصل أنه معذور، لقوله صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ. رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم.

وقوله: لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ أَنْ تُؤَخِّرَ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى. رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.

لكن إن غلب على ظنه عدم الاستيقاظ في الوقت، فإنه يأثم عند جماعة من الفقهاء، قال ابن حجر في التحفة: ومحل جواز النوم إن غلبه بحيث صار لا تمييز له ولم يمكنه دفعه، أو غلب على ظنه أنه يستيقظ وقد بقي من الوقت ما يسعها وطهرها، وإلا حرم ولو قبل دخول الوقت، على ما قاله كثيرون، ويؤيده ما يأتي من وجوب السعي للجمعة على بعيد الدار قبل وقتها. اهـ.

الحال الثانية: أن ينام بعد دخول الوقت متعمداً غيرَ ناوٍ الاستيقاظ لها، وغلب على ظنه فواتها بخروج وقتها، فهذا مقصّرٌ يأثم بفعله هذا.

وينبني على هذا التفصيل القولُ في وجوب إيقاظ النائم من نومه أو استحبابه: فإن كان آثماً بنومه، وجب على غيره إيقاظه إن علمَ بتقصيره، أما إن لم يقصّر أو لم نحكم بإثمه، لم يجب إيقاظه عند بعض أهل العلم، لكنه يُستحب.

وقال بعض أهل العلم: يجب إيقاظ النائم للصلاة وإن لم يكن النائم عاصياً، كما يجب تنبيه من يستعمل ماءً نجساً أو من انكشفت عورته وهو لا يعلم، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 130864، 242986، 247516.

وعلى كلٍّ، فوالدتكِ مخطئةٌ في منعِكِ من إيقاظ أختكِ، لأنها منعتكِ إما من واجبٍ وإما من مستحبٍّ، ولا تجبُ طاعتها في ترك الواجب، فإن الطاعة في المعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني