الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماهية الجدال المنهي عنه في الحج

السؤال

حججت السنة الماضية ومعي زوجتي، وفي اليوم الثاني من أيام التشريق أردنا التعجل، وكان برفقتي رجلان وثلاث نساء من المسنين، وكانت هناك فوضى وسوء تنظيم من طرف القائمين على الحجيج، ولكي أتمكن من حجز أماكن للذين هم برفقتي استوقفت حافلة وحجزت أولا مقعدا لزوجتي، وعندما أردت النزول كان ممر الحافلة مكتظا بالحجيج والحقائب مما اضطرني إلى وضع رجلي على إحدى الحقائب، فصاحت في وجهي صاحبة الحقيبة، فقلت لها هذا ممر وليس هناك مكان أمر منه، ثم واصلت هي الكلام تحتج فيه على العملية، ونزلت ثم صعدت حافلة أخرى وحجزت مقاعد للمسنين، ثم نزلت مرة أخرى حتى أتت حافلة تابعة لمخيمنا، فأردت الصعود على متنها، لكن السائق أبى أن يفتح الباب فاضطررت للوقوف أمام الحافلة مانعا إياه من مواصلة السير حتى يسمح لي بالصعود، وبعد إلحاح عليه من طرف بعض الحجيج فتح الباب وصعدت، فهل في هذا شيء؟ علما بأنني لم أتفوه بكلام خارج المعقول، وكل ما قلته هو للمكلف بالرحلة والمتواجد داخل الحافلة إنه سوف يتحمل المسؤولية إن لم يسمح لي بالركوب على متن الحافلة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما صدر منك على النحو الذي ذكرت لا يعتبر من الجدال المنهي عنه شرعا، بل هو جدال مشروع لإحقاق الحق. وبالتالي، فلا شيء عليك فيه، يقول الشيخ عبد العزيز بن باز: أما الجدال: ففسروه بالنزاع والمخاصمة في غير فائدة، أو فيما أوضحه الله وبينه لعباده، فلا وجه للجدال فيه، ويدخل في الجدال المنهي عنه جميع المنازعات التي تؤذي الحجيج وتضرهم، أو تخل بالأمن، أو يراد منها الدعوة إلى الباطل، أو التثبيط عن الحق، أما الجدال بالتي هي أحسن لإيضاح الحق وإبطال الباطل، فهو مشروع، وليس داخلا في الجدال المنهي عنه. اهـ.

ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: والجدال أنواع:

الأول: جدال يراد به إثبات الحق، فهذا واجب حتى وإن كان الإنسان في الحج، ما دام يريد إثبات الحق، ولكن بالتي هي أحسن، لقول الله تبارك وتعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ـ ولا يقول إن هذا جدال، والله يقول: وَلَا جِدَالَ في اَلحَجِّ ـ بل نقول: هذا جدال لا بد منه، واجب، وهو دفاع في الواقع عن الحق أو إثبات له.

الثاني: جدال في أمور ليست حقاً ولا باطلاً، مثل أن يقول: الشيء الفلاني الذي في الجبل إنسان، وهذا يقول: شجرة، وهذا يقول: حجر، وما أشبه ذلك، ويتجادلون، هذا منهي عنه، لما فيه من تحريك النفس وصدها عما هي بصدده من الإقبال على النسك.

الثالث: أن يكون جدال بالباطل بمعنى إنه يجادل وهو يعلم أن الحق بخلاف ما يقول، لكن يريد أن ينتصر لنفسه، وأن تكون كلمته هي العليا، فهذا آثم من جهة أنه جادل، وهو محرم بالحج، ومن جهة أنه أراد أن يحق الباطل ويبطل الحق. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني