الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل مجاهدة النفس وطرق تهذيبها

السؤال

مجاهدة النفس كيف تتم؟ وما السبيل إلى ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمجاهدة النفس، تكون باستعمالها فيما ينفعها حالاً، ومآلاً مما يشقُّ عليها عادةً.

كما قال ابن علان الشافعي في دليل الفالحين: المجاهدة، مفاعلة من الجهد: أي الطاقة، فإن الإنسان يجاهد نفسه باستعمالها فيما ينفعها حالاً ومآلاً، وهي تجاهده بما تركن إليه بحسب طبعها وجبلتها من ضد ذلك، ولكون المجاهدة مع النفس التي بين جنبي الإنسان، وهي لا تخرج، ولا تنفك عنه كان هذا الجهاد الأكبر. اهـ.
وهذه النفس التي تجاهدها، هي النفس الأمارة بالسوء.

ولهذا عرف الجرجاني في كتابه "التعريفات" المجاهدةَ بأنها: محاربة النفس الأمارة بالسوء، بتحميلها ما يشقُّ عليها مما هو مطلوب شرعاً. اهـ.
كما قال يوسف عليه الصلاة والسلام، فيما حكاه عنه ربه في كتابه: وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ {يوسف:53}.
ومَن رحمه ربُّه، وفقه للعمل الصالح الذي به يدخله الجنة، وهو -في الغالب- مما يشق على النفس الأمارة بالسوء، ويثقُل عليها، وجنَّبَهُ المعاصيَ، واتباعَ الشهوات التي بها يدخله النار، وهي -في الغالب- مما تحبه النفس الأمارة بالسوء، وتميل إليه. ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات. رواه مسلم من حديث أنس.
فمن أرغم نفسه على فِعلِ تلك المكاره التي تثقل عليها، وتجنُّبِ تلك الشهوات التي تميل إليها، فقد جاهدها.
يقول ابن القيم في كتابه القيم"مدارج السالكين": فإن في النفس ثلاثةَ دواعٍ متجاذبة:

-داعٍ يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الشيطان: من الكبر، والحسد، والعلو، والبغي، والشر، والأذى، والفساد، والغش.

- وداعٍ يدعوها إلى أخلاق الحيوان، وهو داعي الشهوة.

- وداعٍ يدعوها إلى أخلاق المَلَك: من الإحسان، والنصح، والبر، والعلم، والطاعة. ...

كما قال بعض السلف: خلق الله الملائكَة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائمَ شهوةً بلا عقول، وخلق ابن آدم، وركب فيه العقل والشهوة. فمن غلب عقله شهوته؛ التحق بالملائكة، ومن غلبت شهوته عقله؛ التحق بالبهائم. اهـ.
ولإتمام الفائدة انظر الفتوى رقم: 262789.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني