الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإمساك قبل أذان الفجر لا يعد بدعة

السؤال

[إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه] صحيح، وورد بلفظ مثله وزاد فيه: [وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر ] ( واسناده صحيح، الإمساك عن الطعام قبل أذان الصبح بدعة، هل هذا صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالسؤال مشتمل على مسألتين:
الأولى: مسألة الاستمرار في الأكل والشرب بعد سماع الأذان.
والثانية: الإمساك قبل طلوع الفجر.
فأما الاستمرار في الأكل والشرب بعد سماع أذان الفجر الثاني فلا يجوز وهذا عليه مذاهب الفقهاء جميعاً، جاء في الموسوعة الفقهية في مادة صوم: (اتفق الفقهاء على أنه إذا طلع الفجر وفي فيه طعام أو شراب فليلفظه ويصح صومه، فإن ابتلعه أفطر.)
هذا هو القول الصحيح الراجح لأن المؤذن عادة إنما يؤذن إذا علم طلوع الفجر، فإذا علم الإنسان أن المؤذن أذن قبل الوقت فله أن يأكل ويشرب حتى يطلع الفجر للإباحة في الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم." رواه البخاري ومسلم والترمذي والبيهقي.
وفي رواية البخاري قول ابن عمر: "وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت."
أما استدلال بعض المتأخرين بالحديث المذكور في السؤال –وهو حديث أخرجه البيهقي في السنن الكبرى- فخلاف ما عليه العمل عند الفقهاء لأنه محمول عندهم على الأذان الأول، قال البيهقي بعد إيراده للحديث: (قال الرياحي في روايته وزاد فيه: وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ الفجر، وكذا رواه غيره عن حماد وهذا –إن صح- فهو محمول عند عامة أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المنادي كان ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر، وقول الراوي: وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ الفجر يحتمل أن يكون خبراً منقطعاً ممن دون أبي هريرة أو يكون خبراً عن الأذان الثاني، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده." خبر عن النداء الأول ليكون موافقاً لـ: "لا يمنعن أحداً منكم أذان بلال من سحوره، فإنما ينادي ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم." قال جرير في حديثه: "وليس أن يقول هكذا ولكن يقول هكذا الفجر هو المعترض وليس بالمستطيل." رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجه البخاري من أوجه أخر عن التيمي.) انتهى من السنن الكبرى 4/217/218.
وأما كون الإمساك قبل الأذان بدعة فليس ذلك بصحيح لأن الأمر على الإباحة وليس على الوجوب أن يأكل ويشرب حتى يطلع الفجر.
وقد كان الصحابة منهم من يمسك قبل الفجر وقد جاء في صحيح البخاري عن زيد بن ثابت أنهم كانوا يتسحرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقومون للصلاة فسئل كم كان بين ذلك فقال: (مقدار خمسين آية.)
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني