الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام دعاء الوالدين على أولادهم بسبب أو بدون سبب

السؤال

هل يستجاب دعاء الوالدين على الأبناء، إذا كان الابن عاصيا ثم تاب، ولم تستجب الدعوة حتى توبته؟ وهل يستجاب إذا كان الوالدان يدعوان باستمرار بسبب، أو بلا سبب؟
فالوالدة ـ هداها الله ـ تدعو باستمرار، وحاولنا أنا وإخوتي أن ننصحها، لكن إذا غضبت، تظل تدعو حتى تهدأ، وتقول لنا أنا لا أدعو عليكم من قلبي، وأنها دائما في الصلاة تدعو لنا.
فهل يستجاب الدعاء أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن دعوة الأمّ على ولدها العاق، العاصي لها، من الدعوات المستجابة، كما بيناه في الفتوى رقم: 136410

ولكن قيد بعض أهل العلم ذلك، بما إذا كان الولد كافرا، أو عاقا غاليا في العقوق، لا يرجى بره، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 115110.

وعليه، فنرجو أن لا يستجاب دعاء الأم على الولد إذا تاب من العقوق، مع العلم أن مسألة استجابة الدعاء عموما علمها عند الله تعالى.

ودعاء الأم على الولد بدون سبب، لا يجوز؛ لما روى جابر عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم. رواه مسلم.

وهذا الدعاء يعتبر ظلما، وإثما؛ لأنه ليس له سبب، ولذا فإنه لا يستجاب إن شاء الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم. رواه مسلم.

وهذا لا يتعارض مع الجزم المفهوم من قول الرسول الكريم في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده.... لأن هذا مقيد بالولد العاق، المغالي في عقوقه وبغيه؛ كما أشرنا سابقا.

قال في فيض القدير عند شرح هذا الحديث: ثم الظاهر أن ما ذكر في الولد مخصوص بما إذا كان الولد كافرا، أو عاقا غاليا في العقوق لا يرجى بره. انتهى.
وينبغي أن تنصحوا الوالدة بترك الدعاء عليكم، ويكون ذلك بلطف ولين، مع الحرص على فعل ما يرضيها، وتجنب ما يغضبها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني