الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتخاذ الأخدان من أخلاق الجاهلية

السؤال

لقد تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت، بطريقة غير مباشرة، ولم يكن المقصد علاقة عاطفية، ولكن مع مرور الوقت أصبحنا نتحدث كثيرا، وصراحة أحببته جدا، ودخلنا في علاقة، ووعدني بالزواج، وهو شخص ملتزم، ويخاف الله، وأنا متأكدة أنه لا يلعب، بل صادق، وهي مسألة زمن فقط؛ لأن ظروفه لا تسمح، ولكن من غير لقاء، وقلبي لا يطاوعني، وأشعر بالندم الشديد، وأرغب في التوبة.
فسؤالي: هل إذا تاب كل منا، وقطعت علاقتي به نهائيا، يجوز أن أدعو الله أن يكون من نصيبي؟
وهل إذا تقدم لي، وتزوجنا يكون في ذلك حرج؟
أفتوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالشيطان عدو الإنسان، وهو يعمل بجد واجتهاد، ليل نهار لإضلاله، قال تعالى: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ{الأعراف17:16}، ومن هنا حذر الله منه أشد تحذير، فقال: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ...{الأعراف:27}.

وهو يزرع بذروة الفتنة في القلب، ثم يتعاهدها، ويستدرج المسلم، أو المسلمة إلى المعصية استدراجا؛ ولذا قال تعالى: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:168}.

فهو قد زين لك أن الأمر مجرد تعارف، يخادعك بذلك، إلى أن أوصلك إلى شيء من العلاقة العاطفية مع هذا الشاب، فأوقعك في خلق من أخلاق الجاهلية، وهو اتخاذ الأخدان، وهم الأخلاء، وقد حرمه الإسلام؛ قال تعالى: مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ {النساء:25}. فإن لم تتداركي الأمر، فيمكن أن يتطور إلى ما هو أشد نكرانا.

والزواج مما يرشد إليه المتحابان، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

والرغبة في الزواج، لا تسوغ مثل هذه العلاقة، فالواجب التوبة، وقطع هذه العلاقة، وراجعي شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.

ولا حرج عليك في الدعاء، بأن ييسر الله لك الزواج منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني