الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بيني وبين خصم لي نزاع على أرض، الأرض عبارة عن حوش مسور بجدار ارتفاع مترين، محيى ومزروع بأشجار، وفيه أغراض خاصة بي وغرفة.
خصمي يدعي أني بنيت في أرضه، والحقيقة هي التالي:
أني بنيت جزءا كبيرا من هذا الحوش في مسيلة تعود ملكيتها لأسرتي لوالدي، وجزءا بسيطا منها خارج المسيلة في أرض فلاة بوار لا تعود ملكيتها لأحد، إلا أن لخصمي مسيلة أخرى تبعد عن الموقع أكثر من 200 متر، وليست له لوحده بل لأكثر من قريه وأكثر من شخص وليس له فيها شيء خاص إنما هي مسيلة كبيرة جدا، وقد حضرت لجنة النظر من المحكمة، وأقرت بأني بنيت في مسيلتي، وأن هناك جزءا خارج المسيلة لا يمثل ضررا على خصمي أو أي شخص آخر، خصمي يدعي أن الجزء البسيط هذا له وأنه من حقه.
طلب منه القاضي إحضار البينة، وبعد عدة جلسات ماطل فيها بالبينة لم يحضر البينة، فألزمني القاضي بالدين.
سؤالي: هل في ديني شك أو ريبة على هذا الأمر؟ الدين الذي أملاه علي القاضي هو:
أقسم بالله العظيم أنه لا يوجد لخصمي أي حق يذكر في الموقع، وأني بنيت في أملاكي إبراء للذمة، هل في ديني شك أو ريبة في الأمر؟
والله يجزيكم خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت قد بنيت في غير ملكك ـ ولو في جزء يسير ـ فقد كذبت في يمينك بأنك بانٍ في ملكك، ووقعت في اليمين الغموس، ولا ينفعك في اليمين التي طلبها منك القاضي التأويل وشبهه، فإن اليمين على نية المستحلف ـ وهو هنا القاضي ـ في الدعاوى باتفاق العلماء.

فقد جاء في صحيح مسلم : عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليمين على نية المستحلف»

قال النووي في شرحه: وهذا الحديث محمول على الحلف باستحلاف القاضي، فإذا ادعى رجل على رجل حقا فحلفه القاضي فحلف وورى فنوى غير ما نوى القاضي انعقدت يمينه على ما نواه القاضي ولا تنفعه التورية، وهذا مجمع عليه ودليله هذا الحديث والإجماع... وحاصله أن اليمين على نية الحالف في كل الأحوال إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه، فتكون على نية المستحلف وهو مراد الحديث. اهـ.

وقال ابن تيمية: ونظير هذا أن يتأول الحالف من يمينه إذا استحلفه الحاكم لفصل الخصومة، فإن يمينك على ما يصدقك به صاحبك، والنية للمستحلف في مثل هذا باتفاق المسلمين ولا ينفعه التأويل وفاقا. اهـ. من الفتاوى الكبرى.

فالواجب التوبة إلى الله جل وعلا من يمينك تلك، وأما عن الكفارة: فاليمين الغموس لا تجب فيها كفارة يمين عند جماهير العلماء، قال ابن هبيرة: ثم اختلفوا في اليمين المغموس هل لها كفارة؟ فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى روايتيه: لا كفارة لها لأنها أعظم من أن تكفر، وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: تكفر، واليمين المغموس هي الحلف بالله على أمر ماض معتمد الكذب فيه. اهـ. من اختلاف الأئمة العلماء. ومع ذلك فإن كفرت عن يمينك فهو أسلم وأحوط، وراجع الفتوى: 7258.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني