الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حلف بالطلاق على أمر وهو صادق فيه ثم تبين خلافه

السؤال

أولًا: لا بد أن أتوجه بالشكر إلى الموقع الموقر وكل العاملين عليه، وأرجو من الله أن يحسن لهم الجزاء.
أما بعد:
أود أن أسأل عن أيمان طلاق حلفتها، ولكن في البداية يجب أن أوضح أنني لست ممن يكثرون الحلف بالطلاق، بل إني بالفعل أقلعت عن الحلف بغير الله منذ سنتين.
أنا متزوج منذ سبع سنين، وزوجتي -ولله الحمد- أحسبها من الصالحات، وأنا لا أغضب بسرعة، ولكن إذا غضبت فلا أكاد أدرك عاقبة ما أفعل وكأن شيطانًا اعتراني.
اليمين الأول حلفته عندما وضعت زوجتي ابني الثاني، وكان بينها وبين أهلي بعض الخلافات التي لا تخلو منها أسرة، وكانت تمرض بعد الوضع في بيت أبيها، وكنت قد علمت أن تقليد السبوع مخالف للسنة، فاتفقت أنا وهي ألا نفعله، ولكنها أخبرتني أن أختها قد تأتي ببعض الأشياء البسيطة للاحتفال داخل المنزل هي وأمها فقط، فأذنت لها بذلك. بعدها بيوم كنت جالسًا مع أبي و أخواتي البنات، فسألني عن السبوع، فقلت له: لن أفعل. فبدأوا يغمزونني ويقولون أنني سأعمله عند أصهاري لكى لا أفرح أبي وأمي، فاغتظت كثيرًا، وتهيجت حتى قلت بالنص: "وعليّ الطلاق ما أنا عامل سبوع، ولا أعرف إن كانوا هيعملوا -أقصد أصهاري- ولا لأ" احتياطًا أن يعملوا لها وأنا لا أدري، ثم خفت أن يكون ما قالته لي زوجتي بشأن الأشياء البسيطة التي ستحضرها أختها لها ولأمهما سبوعًا، فرجعت إلى أبي وقلت له: "لأجل اليمين هم كانوا قالوا إنهم هيجيبوا حاجات بسيطة تقتصر على زوجتي وأختها وأمها فقط". على العموم بعد ذلك سألت زوجتي، فاتضح أن أختها لم تفعل شيئًا، فهل أنا حانث في هذا اليمين بحلفي أنني لا أعلم إن كانوا سيعملون؟ علمًا أنها سبقت على لساني، ففوجئت أنني نطقتها لكى أؤمن نفسي خشية أن يعتبر ما ستفعله أختها سبوعًا، ولكني عدت ووضحت ذلك، كما بينت بالأعلى.
أما اليمين الثاني: فكان عند زيارة أبي لي في البيت، فأقسمت عليه ليتغدى معي فرضي بعد محايلة، فنزلت من المنزل لأحضر الطعام، وكان سمكًا، ففوجئت بزوجتي أنه خرج هو وأختي من المنزل، وحاولت هي منعه، ولكنه أصر وخرج كي لا يتأخر، وكنت قد اشتريت السمك وأعطيته للشاوي، فاتصلت بأختي وأخبرتها أن ترجع وأصررت على ذلك، وقلت بالنص: "وعليّ الطلاق السمك اتشوى" فرجعت هي وأبي، ثم حدثتني نفسي أنني حنثت لأني حين حلفت لم أكن أعرف أشواه الرجل أم لم يشوه، ولكني كنت أقصد داخل نفسي أن رجل الشوى بدأ العمل به، ولم أكن أتعمد الكذب عليهما، فما حكم هذه اليمين -أعزكم الله-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح عندنا أنّ من حلف بالطلاق على أمر، وهو صادق في يمينه غير متعمد الكذب لم يقع طلاقه، ولو كان الأمر في حقيقته بخلاف ما حلف عليه، وراجع الفتوى رقم: 20149.
وعليه؛ فيمينك الأولى لا يقع بها الطلاق؛ لأنّك لم تكذب فيما أخبرت به، وإذا كنت لم تتعمد الكذب في اليمين الثانية فلا حنث عليك أيضًا؛ لأنّ النية في اليمين معتبرة فيما يحتمله اللفظ، وعبارتك تحتمل معنى أنّ الرجل قد شوى بعض السمك أو قارب الفراغ من ذلك، وراجع الفتوى رقم: 35891.
واعلم أن الحلف المشروع هو: الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق: فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني