الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في هجر من لا يراعي حرمة البيت وضوابط الدخول على الأجنبيات

السؤال

مشايخنا الكرام، أريد أن أسألكم: أنا أخت مسلمة أعيش مع والدتي وجدتي وبنت خالي، ولكني منتقبة وأرفض الاختلاط مع أزواج أخواتي من الرضاع لما وجدت نفسي في فتنة في صغري، وحاشا لله إلا واحدًا، وهو زوج بنت خالتي لئيم سفيه ولا يستأذن في بيت غيره، فعند حماته (أي: خالتي) مثلًا تجده يدور في الغرف بدون استئذان على بناتها، ولا يحترم الحجاب الشرعي، وقد جاء إلى بيت جدتي برفقة زوجته وحماته، نحن نساء فقط في البيت لا يوجد رجل محرم معنا، وبات هذا الرجل في البيت زوج أختي من الرضاع، نام بجانب الحمام -أعزكم الله-، البيت متحد المرافق مما لا أستطيع قضاء الحاجة، ولكن أقاربي إلا والدتي لا يبالون باحترام ضوابط الاختلاط. وكان هذا الرجل يأخذ أرقام بنات أهلها ويتصل كثيرًا ويسبب لهن الشبهة، وهو كثير النميمة بين عائلتنا. المهم: فهل علينا ترك هذا البيت أنا ووالدتي الذي لا تحترم فيه ضوابط الشرع الرباني إن وُجد بيت والدتي لأذهب وحدي أو برفقة أمي؛ حيث إن البيت الآخر لوالدتي في عمارة ومحكم الإقفال ما شاء الله والجيران ما شاء الله؟
والله كل مرة أوجه لهم ضوابط هذه الأمور، ولكن لا يبالون مثل دخول وخروج أزواج الأخوات والأقارب كما شاءوا حياء من الضيف، لا يستطيعون أن يقولوا للحرام حرام!
الأمر الآخر: اتصلت بنت خالتي بعد ذهابهم من بيتنا وصرخت في وجه أمي: "والله لن ألتقي ببنتك إلى يوم الدين" لأني غضبت لما وجدته نائمًا بين خالتي وحماته وبجانب الحمام، وضربت باب غرفتي غضبًا، وكذلك عندما أردت الالتزام بالنقاب أمام أزواج خالاتي أقاموا الدنيا عليّ وقالوا: "هؤلاء بمقام أبيك، كيف ما تقبلين رأسهم وتلاقينهم بالنقاب؟"
فما توجيهكم لي ولهم -أثابكم الله-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرًا على حرصك على الاستقامة على الطاعة، والتزام النقاب، واجتناب الاختلاط المحرم، فنسأله سبحانه لك التوفيق، وأن يزيدك تقى وصلاحًا، ويجنبك الفتن ما ظهر منها وما بطن؛ إنه قريب مجيب.

وتغطية المرأة وجهها عن الأجانب واجبة على الراجح من أقوال الفقهاء، كما سبق وأن بيّنّا في الفتوى رقم: 5224؛ فإظهاره أمام أجنبي منكر، ومحاولة إقناعك بكشفه أمام أزواج خالاتك ليس من النصح في شيء، وقد أحسنت بعد الالتفات إلى قولهم.

وقد ذكرت عن زوج ابنة خالتك هذه جملة من الأمور المنكرة؛ كالدخول على النساء الأجنبيات بلا استئذان، والنميمة ونحو ذلك؛ فينبغي أن يبذل له النصح فيها برفق ولين، ويذكر بالله تعالى وأليم عقابه إن استمر على هذه الحال ولم يتب للعزيز الغفار، فإن انتهى فذاك، وإلا فينبغي أن يهجر إن رجي أن ينفعه الهجر، وراجعي الفتوى رقم: 21837.

وإذا كان هذا البيت لا انفكاك فيه عن المنكرات، ولا يمكن دفعها عنه، ووُجد بيت آخر لا توجد فيه هذه المحاذير، وكان محل أمان، وجب الانتقال إليه؛ فإقامة المسلم في مكان ترتكب فيه المنكرات محرم، وراجعي الفتوى رقم: 268837. وسكنى المرأة وحدها جائز إذا أمنت الفتنة، والأولى أن يكون معها غيرها لورود السنة بالنهي عن الوحدة، وانظري الفتوى رقم: 35649.

وصراخ ابنة خالتك في وجه أمك نوع من سوء الأدب، ولا يجوز لها هجرك لمجرد ما ذكرت من ضربك الباب غضبًا، فالهجر له ضوابطه الشرعية، وقد أوضحناها في الفتوى رقم: 18120 . ولمعرفة ضوابط نوم الرجل مع محارمه في فراش واحد أو في بيت واحد راجعي الفتوى رقم: 57036، والفتوى رقم: 111009. والنوم مع الأجنبية الأمر فيه أشد والخطر أعظم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني