الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الكسب من تدريس أولاد يعمل أبوهم في بنك

السؤال

أعطي درسا خصوصيا لأولاد، يعمل والدهم في البنك، ولكن لا أعلم طبيعة عمله بالضبط.
فما حكم المال الذي أتقاضاه منهم؟
هل أستمر في تدريسهم أم لا ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان البنك الذي يعمل فيه والد الأطفال، بنكا إسلاميا، فلا حرج في التعامل معه في ماله.

وإن كان بنكا ربويا، فإنه ينظر في الأمر، فإن كان كل عمله في البنك في مجال الحرام، وليس له دخل سواه -أي كل أن كل ماله حرام- فلا يجوز التعامل معه في المال، لا بيعا، ولا شراءً، ولا إجارة، ولا غير ذلك من المعاوضات، ولا يجوز قبول هداياه، أو هباته، ولا الأكل من طعامه، ولا غير ذلك من التبرعات.

وإن كان مجال عمله في البنك الربوي غير محرم، أو كان محرما لكن له دخل آخر حلال، فلا يحرم التعامل معه إلا في عين الحرام، إن عُلم أنه يدفع الأجرة من الحرام.

وتراجع الفتوى رقم: 6880، ورقم: 63603

ولا يلزم عند التعامل مع الغير البحث والتفتيش عن مصدر ماله، بل إن البحث والتفتيش عن ذلك من التنطع المذموم، والابتداع في الدين، فما علم المسلم أنه حرام اجتنبه، وما لم يعلمه فإنه لا يبحث، ولا يفتش عن مصدره، بل يبني الأمر على الأصل، وهو حل المال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ما في الوجود من الأموال المغصوبة، والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالاً، أو خانه في أمانته، أو غصبه، فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق، لم يجز لي أن آخذه منه لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم.

وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكاً له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا، كنت جاهلاً بذلك، والمجهول كالمعدوم، لكن إن كان ذلك الرجل معروفاً بأن في ماله حراماً، ترك معاملته ورعا، وإن كان أكثر ماله حراماً، ففيه نزاع بين العلماء، وأما المسلم المستور، فلا شبهة في معاملته أصلاً، ومن ترك معاملته ورعا، كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ.
وما دمت تجهل طبيعة عمل الشخص المذكور، وما إذا كان ماله حراما أم لا؟ فالأصل أنه لا حرج عليك في التعامل معه، وتدريس أطفاله بالأجر المتفق عليه، حتى يثبت ما يُحرم التعامل معه، على النحو الذي ذكرنا في بداية الجواب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني