الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم منع من يكرر إلقاء السلام على الناس كلما مر عليهم

السؤال

أعمل في مؤسسة حكومية، ولدينا عامل كافتيريا يكثر من السلام بصورة مزعجة لبعض الزملاء لدرجة أنه يسلم كل ما مر جيئة وذهابا، فكلما يطلب منه مشروبات ساخنة وباردة يأتي لطالب هذا المشروب ويمر بكثير من الموظفين في طريقه ويسلم عليهم جميعا، فهل يجب الرد على السلام كل مرة؟ وهل يجوز منعه من السلام بكثرة، بالرغم من حثه صلى الله عليه وسلم على إفشاء السلام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن إفشاء السلام من شعائر الإسلام الظاهرة، وهو من أسباب المحبة بين المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم. رواه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد.

والبداءة به سنة عند كل التقاء بين المسلم وأخيه المسلم، ولو كان اللقاء عن قرب وكان متكررا، ورده فرض كفائي، يقول النووي رحمه الله: إذا سلم على إنسان ثم فارقه ثم لقيه على قرب أو حال بينهما شيء ثم اجتمعا, فالسنة أن يسلم عليه, وهكذا لو تكرر ذلك ثالثا ورابعا وأكثر سلم عند كل لقاء وإن قرب الزمان، اتفق عليه أصحابنا، لحديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته: أنه صلى في جانب المسجد ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام, ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلي، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم حتى فعل ذلك ثلاث مرات ـ رواه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه, فإن حال بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه ـ رواه أبو داود، وعن أنس قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتماشون فإذا استقبلتهم شجرة أو أكمة فتفرقوا يمينا وشمالا ثم التقوا من ورائها سلم بعضهم على بعض ـ رواه ابن السني. اهـ.

ويقول أيضا: وأما رد السلام: فإن كان المسلم عليه واحدا تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة كان رد السلام فرض كفاية عليهم، فإن رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلهم، أثموا كلهم، وإن ردوا كلهم، فهو النهاية في الكمال والفضيلة، كذا قاله أصحابنا، وهو ظاهر حسن. اهـ.

وبناء على هذا، فإنه يجب رد السلام على هذا الشخص المسلِّم، وإذا كان المسلَّم عليهم جماعة فيكفي رد أحدهم، ومعلوم أن رد السلام لا يحتاج إلى جهد أو وقت، فلا ينبغي التضايق من كثرة السلام إذن، ثم اعلم أن الأصل أنه لا ينبغي منع الشخص المذكور من كثرة السلام، بل تشجيعه على ذلك لما تقدم، لكن إن كان لا ينضبط بالضوابط الشرعية في سلامه؛ كأن لا يراعي كون الشخص مشغولا أو نحو ذلك، فينبغي نصحه وتبيين له أن السلام على المشغول مكروه، ويمكن منعه في هذه الحالة إن لم ينتصح، وانظر الفتوى رقم: 193893.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني