الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أين كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر عند معاملته المباشرة مع النساء؟

السؤال

أين كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر عند معاملته المباشرة مع النساء: هل إلى وجوههن، أو عيونهن، أو إلى ...؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم نقف على نصوص نبوية، خاصة بتعيين موضع نظر النبي صلى الله عليه وسلم عند مخاطبة النساء، إذا لقيهن في الطريق، ونحوه.

وأما نحن، فحسبنا في ذلك نصوص القرآن، والسنة الآمرة بغض البصر، والمحذرة من فتنة النساء! ويتأكد هذا على مذهب من قال من أهل العلم بثبوت الخصوصية في ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لمحل العصمة، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: الذي تحرر عندنا أنه صلى الله عليه وسلم، كان لا يحرم عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات، بخلاف غيره. اهـ.
ومما يفيد في ذلك حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلًا وضيئًا، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة، تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم، والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في الحج على عباده، أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: نعم. رواه البخاري، ومسلم.

وبوَّب عليه البخاري في كتاب الاستئذان، بقول الله عز وجل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ {النور:30}. وقال قتادة: "عما لا يحل لهم" {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} {خائنة الأعين}: من النظر إلى ما نهي عنه ... اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين: فيه عدم جواز نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية، كما استدل به النووي، وغيره من أهل العلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، ولكن إذا كان لشهوة، فهو حرام بلا شك، وإذا كان لغير شهوة، فإن الذي تدل عليه النصوص الأخرى، أنه لا يجوز له النظر إليها، وأنه يجب عليها أن تحتجب؛ لئلا ينظر إليها. اهـ.

وسئل الشيخ ابن باز: كيف يعامل الرجل المسلم المرأة الأجنبية ـ بصرف النظر عن ديانتها ـ إذا كانت زميلة عمل، ويحتاج التحدث إليها بشؤون العمل أثناء العمل ... ؟
فكان من جملة جوابه: الواجب عليه عند الابتلاء بهذه الأمر، أن يغض بصره، وأن يحذر من النظر إليها، أو إلى محاسنها، أو إلى مفاتنها، بل يلقي بصره، ولا ينظر إليها. ومتى صادف شيئًا من ذلك أعرض، وصرف بصره. ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه سئل عن النظر الفجأة، فقال للسائل: "اصرف بصرك". وفي لفظ: "فإن لك الأولى، وليس لك الأخرى". يعني لك الأولى التي جاءت صدفة من غير قصد، أما الثانية التي عن قصد في النظر، فهذه التي لا تجوز، والله سبحانه يقول: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} فعلى المؤمن أن يغض بصره، فإن صادف شيئًا من غير قصد صادف بصره، إذا فاجأته، وقابلها بالباب، أو قابلته بالباب، فإنه يصرف بصره، ويعفو الله عن الأولى التي صادفها، ولم يقصدها، كذلك إذا بلي بها في التحدث إليها في شيء يتعلق بالعمل، فإنه يتحدث إليها لكن بغير أن يقابل وجهها، من غير أن ينظر إلى محاسنها، بل يعرض عنها، أو يلقي بصره، ويتكلم حتى يقضي حاجته وينصرف، وهذا من الأمور الواجبة التي تجب على المؤمن العناية بها. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 152703.

وإذا وجدت الحاجة لتمييز امرأة بعينها لحفظ الحقوق في البيع، والشراء، والإجارة، وتحمل الشهادة ونحو ذلك، فلا حرج في النظر إلى وجهها.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 243076.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني