الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سألته زوجته: لماذا لم تطلقني؟ فقال: (الأمر بيدك) فما الحكم؟

السؤال

سافر زوجي إلى سوريا للجهاد فجأة بدون إبلاغي، وترك لي توكيلًا عامًّا رسميًا، وفي الاتصال الوحيد بعدها قال: إنه لن يرجع، وسألته: لماذا لم يطلقني قبل سفره؟ قال لي: (الأمر في يدك)، وبعد السؤال تبين أن التوكيل الذي تركه لا يجيز القانون أن أطلق نفسي به، ولكن يلزم للطلاق توكيل خاص، علمًا أن التوكيل الذي تركه لي زوجي يتيح لي التصرف في أي شيء ما عدا الزواج، والطلاق، وأعتقد أنه لجهل من زوجي بهذه الإجراءات، وتوقع أن يكون التوكيل يتيح لي تطليق نفسي، والله أعلم.
السؤال الأول: فهل يجوز شرعًا أن أطلق نفسي منه، بعد أن قال: (الأمر بيدك)؟ وهل هناك إثم عليّ؛ لأني طلبت الطلاق بعد سفره للجهاد، علمًا أننا على وفاق، وبيننا حب، وما كنت لأطلب الطلاق أبدًا إذا كنت أعلم أنه سيعود، وأيضًا لأسباب أمنية، خوفًا على أهلي إذا عرفوا أن زوجي سافر للجهاد في سوريا.
السؤال الثاني: بعد أن علمت، وأهلي أن التوكيل لا يجيز لي قانونًا أن أطلّق نفسي، رفعنا دعوى خلع، بالتعاون مع أهل زوجي الذين سيشهدون أنه سافر، ولا ينوي العودة؛ حتى يكون معي ورق قانوني ينهي علاقة الزوجية، ففي هذه الحالة هل يكون شرعًا طلاق، أم خلع؟ بمعنى هل يحل لي مؤخر الصداق، ولي كافة حقوق المطلقة، أم تنطبق عليّ حالة المختلعة؟
السؤال الثالث: هل يجوز شرعًا أن أطلب من المحكمة الخلع بشكل رسمي، مع أن حقيقة الموقف هو طلاق، ولكن ليس لديّ ما يثبت ذلك رسميًا؟ أي أن أكذب على المحكمة؛ لأن المحكمة سوف تسألني: هل أوافق على أن أبرئ زوجي من حقوقي أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقول زوجك: الأمر بيدك، بعد سؤالك له: لماذا لم يطلقك، تفويض لك في الطلاق، وجمهور الفقهاء على أنّ ذلك مقيد بالمجلس، فحيث لم تطلقي نفسك حتى انقضت مكالمة زوجك، فلا حقّ لك في التطليق، والحنابلة يرون عدم التقيد بالمجلس، فلك تطليق نفسك، ما لم يرجع الزوج عن التوكيل، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ...فإن كانت صيغة التفويض مطلقة، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن حق الطلاق للمرأة، مقيد بمجلس علمها، وإن طال، ... وأما الحنابلة فقد جعلوا لكل صيغة من صيغ التفويض، حكمًا خاصًا بها...

وقال مرعي الكرمي الحنبلي -رحمه الله-: وإن قال لها: طلِّقي نفسك، كان لها ذلك متى شاءت، وتملك الثلاث إن قال: طلاقك، أو أمرك بيدك، أو وكلتك في طلاقك. ويبطل التوكيل بالرجوع، وبالوطء.

وعليه؛ فلك تطليق نفسك -على مذهب الحنابلة-، بمقتضى هذا التفويض، وحيث وقع الطلاق، فإن لك مهرك كله، معجله، ومؤجله، وسائر حقوق المطلقة، المبينة في الفتوى رقم: 1955، وهذا من حيث الحكم الشرعي.

وأما إجراءات الطلاق في المحاكم، فهذه يرجع فيها إلى أهل الخبرة بقوانين البلد، مع التنبيه إلى أنّ توثيق الطلاق في المحاكم، والدوائر الرسمية صار في هذا الزمان من الحاجات الملّحة، التي يترتب على فواتها مفاسد عظيمة، وتضييع حقوق شرعية خطيرة، وانظري الفتويين: 61811 ، 39313.

وراجعي في حكم زوجة الغائب، والمفقود، الفتوى رقم: 2671، والفتوى رقم: 126317.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني