الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجتين وأربعة أبناء وست بنات

السؤال

لدي سؤال حول المواريث أشكلت علي بعض الأمور، كاختلاف أوقات الوفاة، وكون بعض الورثة لا يصلي: هلك هالك عن زوجتين له من الأولى أربعة أولاد وثلاث بنات، منهم واحد لا يصلي، وله من الثانية ثلاث بنات، ثم هلكت أم البنات، ثم أم الأولاد والبنات، ثم هلكت ابنة من أم البنات، ثم هلك ابن من أم البنات والأولاد وهو الذي لا يصلي، وله ولدان نصرانيان، وترك الهالك عن زوجتين ٤ آلاف دينار، وإلى الآن لم يقسم المال، فما التقسيم جزاكم الله خيرا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالمسائل التي يتعاقب فيها الورثة موتا قبل أن يأخذ الوارث منهم نصيبه تُعرفُ بمسائل المناسخات، ولا يمكن قسمتها إلا بمعرفة تفاصيلها من حيث ترتيب تعاقبهم موتا، وحصر ورثة كل واحد منهم، وهذا غير متحقق في المعلومات التي ذكرها السائل، فهو وإن ذكر أن إحدى الزوجتين ماتت أولا، ثم الثانية، ثم إحدى البنات، ثم أحد الأبناء، إلا أنه لم يحصر لنا ورثة كل واحد من هؤلاء؛ ولذا، لا يمكننا أن نبين كيفية قسمة تركة كل واحد منهم، والذي يمكننا بيانه هو كيفية قسمة تركة الهالك الأول ـ أي الزوج الذي مات أولا ـ فنقول إذا توفي عن زوجتيه وأربعة أبناء وست بنات ولم يترك وارثا غيرهم ـ كأب أو أم أو جد أو جدة ـ فإن لزوجتيه الثمن فرضا بينهما بالسوية، لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12}.

والباقي للأبناء والبنات ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.

فتقسم التركة ـ المبلغ المذكور ـ على ستة عشر سهما، للزوجتين ثمنها، سهمان، لكل واحدة منهما سهم، ولكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم واحد، ومن مات منهم قبل أن يأخذ نصيبه انتقل نصيبُه إلى ورثته، وهذه صورة مسألتهم:

جدول الفريضة الشرعية
الورثة / أصل المسألة 8 * 2 16
زوجتان


1

2

4 أبناء

6 بنات

7

8

6

والابن الذي لا يصلي إن كان جاحدا لفرضية الصلاة، فهو كافر ولا نصيب له في الميراث، لأن الكافر لا يرث المسلم اتفاقا قال ابن قدامة في المغني: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ. اهـ.

وإن كان تاركا لها كسلا، فإنه عاص في قول جمهور أهل العلم، ولا يصل إلى درجة الكفر الأكبر المخرج من الإسلام فيرث والده، قال الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في تارك الصلاة كسلا وبيان أنه ليس بكافر وأنه يرث:... ولم يزل المسلمون يورثون تارك الصلاة ويورثون عنه، ولو كان كافراً لم يغفر له ولم يرث ولم يورث... اهـ.

ومثله ما قاله ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني، حيث قال: لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة ترك تغسيله والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ولا منع ورثته ميراثه، ولا منع هو ميراث مورثه، ولا فُرِّقَ بين زوجين لترك الصلاة من أحدهما، مع كثرة تاركي الصلاة، ولو كان كافراً لثبتت هذه الأحكام كلها..... اهـ.

وعلى هذا، فإن الابن الذي لا يصلي كسلا يرث والده وينتقل نصيبه إلى ورثته، ولكن لا يرثه ولداه النصرانيان لما ذكرنا أن الكافر لا يرث المسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني