الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا متزوج من زوجتي ...
وحصل بيننا طلاق، حيث نطقت الكلمة ثلاث مرات متتاليات، في وقت واحد، ثم ذهبنا لمفتي عام المملكة، وأفتانا أن هذا الطلاق لا يقع، وهو طلاق بدعي، وتجب علي التوبة منه.
ولكن المشكلة ليست هنا، ولكن قبله صدر مني أكثر من مرة، بأن علقت الطلاق، ولكن الحالات تختلف، وسأذكرها هنا، وأرجو أن تفيدوني في حكمه هل يقع أو لا؟
1- الأول: كتبت في ورقة، أننا إذا فعلنا هذا الفعل مرة أخرى، وكتبت لفظ الطلاق صراحة ثلاث مرات في ورقة. وكان هدفي أن نمنع أنفسنا من فعل شيء حرام، ولكن فعلناه بعدها.
2- الثاني كنا في مشكلة حادة بيننا، وقلت لها: انزلي عند أهلي، وكنا في حالة عصبية جدا، وقلت لها إذا لم تنزلي عند أهلي فأنت ... ولفظت اللفظ صراحة.
3- مرتان، كانت هناك مشكلة بيننا، وهي كانت في بيت أهلها في مدينة أخرى، وقلت لها: إذا لم تأتي في التذكرة التي حجزتها لك، فأنت لا تحلين لي "مرة قلت لها، ومرة قلت لأختي"
4- مرة قلت بيني وبين نفسي: والله لو ما جاءت فهي... ولفظت اللفظ صراحة.
أفتوني جزاكم الله خيرا.
هل تحل لي أو لا؛ لأنها تعيش معي في البيت، وكل ما أقول لها دعينا نذهب للشيخ ليفتينا، تبكي، أو تغير الموضوع، وأنا أخاف أنها لا تحل لي، وأنا أجامعها الآن، مع العلم أن الطلاق الذي أفتانا به مفتي المملكة من الرياض كان الأخير، وكان صريحا وليس معلقا، والسبب الذي جعلنا لا نستفتي في الذي قبله، أنني قرأت في موقعكم، ومواقع أخرى أنه يعتمد على القصد.
أيضا لدي طفلة، تبلغ من العمر سنة وخمسة أشهر تقريبا.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على أن من علّق طلاق زوجته على شرط؛ وقع الطلاق عند تحقق شرطه، سواء قصد إيقاع الطلاق، أو قصد مجرد التهديد، أو التأكيد، أو المنع.

وهذا هو المفتى به عندنا، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن الزوج إذا لم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصد التهديد، أو التأكيد، أو المنع، فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه، وإنما تلزمه كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 11592
وعليه؛ فالمفتى به عندنا في قولك: إذا لم تنزلي عند أهلي، فأنت طالق، أنّ زوجتك إذا كانت لم تنزل عند أهلك كما أردت، فقد طلقت.
وأما قولك: إذا لم تنزلي في التذكرة التي حجزتها لك، فأنت لا تحلين لي، فإن كانت زوجتك لم تنزل في نفس التذكرة، فالحكم في هذه اليمين يختلف باختلاف قصدك، فإن نويت بقولك: لا تحلين لي: الطلاق؛ طلقت زوجتك، وإن نويت الظهار، وقع الظهار، وإن نويت اليمين المطلقة، أو لم تنو شيئاً محدداً، فهي يمين مكفرة، وراجع الفتوى رقم: 50473
وأما الطلاق الذي كتبته، وعلقته على فعل معين، فإن كنت نويت به إيقاع الطلاق، فقد وقع. وأما إن كنت لم تنو إيقاع الطلاق، ولكن قصدت التهديد والمنع، ولم تتلفظ بالطلاق، ولكن كتبته فقط، فلم يقع طلاقك، وانظر الفتوى رقم: 47785
وإذا كنت تقصد بقولك: قلت في نفسي: والله لو ما جاءت، فهي طالق، أنّك حدّثت نفسك بهذا ولم تتلفظ به، فهذا لا يقع به طلاق؛ لأنّ الطلاق لا يقع بمجرد النية، أو حديث النفس، وأما إن كنت تلفظت به ولم تجئ زوجتك كما أردت، فقد طلقت.
وما دام في المسألة تفصيل، وتفريع، فينبغي أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم، وورعهم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني