الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اللفظ الصادر منك يحتمل النذر واليمين

السؤال

أساتذتي الأفاضل الكرام، طيب الله أوقاتكم بطاعته، وحشرنا الرحمن وإياكم مع نبيه الأعظم سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم في فردوسه الأعلى، وأسأل الله أن يتوفانا مسلمين، وأن يحسن خاتمتنا بالشهادة.
أنا طالب متزوج، أمكث في بلاد الغرب ما يقارب ثمانية أو تسعة أشهر كل سنة، ادعوا لي أن يوفقني الله في دراستي ويسهلها علي، جزيتم خيرا.
تزوجت منذ سنة تقريبا، ولله الحمد والشكر، رزقنا الله عز وجل بجنين، فزوجتي حاليا في شهرها الثامن من الحمل، عسى الله أن يرزقني الذرية الصالحة البارة بوالديها، وأسأل الله أن يجعلني أباً وزوجاً صالحا.
طلبت مني زوجتي أن أحضر لها من يساعدها في الأمور المنزلية، كالتنظيف والغسيل وما شابه ذلك، أي مربية أو خادمة، وفي بداية الأمر رفضت الطلب كوننا نسكن في بيت والدي في الوقت الحالي، ووالداي لديهم ما يكفي من الخدم لمساعدة زوجتي إن احتاجت للمساعدة، ولكن زوجتي أصرت بإحضار خادمة لها هي لأن في رحيلي للدراسة، تمكث زوجتي عند أهلها، وليس لديهم غير خادمة واحدة، فرفضي للطلب من الأساس كان بداعي الخوف على طفلي لما نقرؤه ونسمعه ونراه من أفعال الخدم على الأطفال، ولكن بعد الإلحاح الكثير من زوجتي، وافقت خوفا من الله أن يحاسبني إن زاد الضغط على زوجتي من أعمال المنزل وتربية طفلنا ودراستها، فأحببت أن أخفف عليها الحمل.
وافقت أن أجلب لها خادمة لكن بشرط أن لا تلمس الخادمة ولو شعرة من طفلي، فأنا لا أعرف تلك الخادمة التي ستأتي، ولا أعلم أي شيء عنها إلا المعلومات العامة كاسمها ومؤهلاتها وعمرها وغير ذلك من معلومات عامة، فلا أريد شخصا لا أعرفه أن يلمس طفلي، وقد نذرت أمام زوجتي، إن لمست الخادمة طفلي بأن أرجعها إلى بلادها في اليوم التالي، ولم أحلف باسم الله إلا خوفا وحماية لطفلي، وبعد التفكير العميق في موضوع حلفتي، أتاني الإحساس بالذنب لأنني قد أُخطئ في حق الخادمة أو أقطع رزقها إن لمست طفلي، وأنا أرى نفسي رجلا عادلا، فأخاف أن أكون غير عادل إن نفذت ذلك النذر الذي نذرته، خاصةً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصانا وأمرنا أن نعامل خدمنا معاملة الأخ لأخته أو لأخيه، كما يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (إخوانكم خَوَلُكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم).
فإن كان نذري في غير محله، أرجو أن تفيدوني لكي أكفر عن نذري، وإن كان لي حق في نذري أرجو أن تفيدوني إن كان هناك حل أفضل من ذلك.
جزاكم الله خيرا وإني أنتظر ردكم بفارغ الصبر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا وجه لنذرك منع الخادمة من لمس طفلك، وليس في ذلك ضرر عليه كما تتوهمه إن شاء الله، ويكفيك أن تأخذ بالأسباب وتتحرى اختيار خادمة معروفة بالدين والخلق.

وأما هذا النذر الذي نذرته فليس من نذر الطاعة، ومن ثم فلا يلزمك الوفاء به، وفي لزوم الكفارة لك خلاف بين العلماء، والأحوط أن تكفر عن هذا النذر كفارة يمين خروجا من هذا الخلاف، وانظر الفتوى رقم: 286471، وهذا إذا كان ما صدر منك هو النذر المعروف بأن تلفظت بصيغة النذر كأن قلت: لله علي كذا أو نذر علي كذا، وأما إن كنت حلفت بالله كما يفهم من سؤالك فهذه يمين وليست نذرا ولا يلزمك البر بهذه اليمين، بل الذي ينبغي لك هو الحنث فيها؛ لقول النبي صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وليكفر عن يمينه. أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ، وتلزمك في حال الحنث كفارة يمين باتفاق العلماء وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجزت فصم ثلاثة أيام، والأحوط أن تكون متتابعة خروجا من الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني