الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته في غضب شديد للمرة الثانية: أنت طالق طالق طالق ثم أرجعها

السؤال

حدثت بيني وبين زوجي مشاجرة حادة منذ شهر وصلت للسب والضرب مني ومنه فطلقني بقول أنت طالق طالق طالق وهو في قمة غضبه وأنا حامل في الشهر السابع، ثم تركت البيت وبعد يومين أخبرني بأنه ردني وأني ما زلت زوجته، مع العلم أن هذه المرة الثانية لطلاقنا، فهل بذلك أنا زوجته؟ وهل يوجد عليه كفارة؟ مع العلم أني أوافق على رجوعي له وأننا نادمان على ما حدث.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يصلح بينكما، وأما بخصوص ما قاله زوجك فإن أراد بتكرار اللفظ التوكيد فهي طلقة واحدة، وإن أراد أنها ثلاث فهي ثلاث عند جمهور العلماء طالما كرر لفظ الطلاق، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: فإن قال: أنت طالق، طالق، طالق، وقال أردت التوكيد، قُبل منه ...وإن قصد الإيقاع، وكرّر الطلقات، طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا، لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكنّ متغايرات. اهـ.

وعلى هذا، فلا بد من الرجوع إلى نية زوجك؛ فإن نوى الثلاث وقعت، وإن نوى واحدة وقعت واحدة، وإن لم ينو وقعت واحدة؛ فإذا كان الطلاق دون الثلاث، فللزوج مراجعة امرأته قبل انقضاء عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى رقم: 54195, وإخباره بأنه راجعك أثناء العدة معتبر، قال ابن قدامة ـ رحمه الله في المغني: وإذا ادعى الزوج في عدتها أنه كان راجعها أمس، أو منذ شهر قبل قوله؛ لأنه لما ملك الرجعة، ملك الإقرار بها، كالطلاق، وبهذا قال الشافعي، وأصحاب الرأي، وغيرهم. انتهى.

وعليه؛ فقد رجعت لزوجك، وبقي لك طلقة، إلا إن كان نوى الثلاث فيقع ثلاثا عند الجمهور وهو المفتى به عندنا، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ومن وافقه إلى أنّ الطلاق المتتابع دون عقد أو رجعة يقع به طلقة واحدة، وراجعي الفتوى رقم: 192961.
والغضب الذي ينتفي معه وقوع الطلاق هو الذي يبلغ بصاحبه أن لا يعي ما يقول، وبناء على ما ذكر فإن كان زوجك قد تلفظ بالطلاق في حال غضب شديد قد غلب على عقله بحيث لم يكن يدري ما يقول، لم يقع طلاقه حينئذ، وأما إن كان تلفظ به مدركا لما يقول فقد وقع على التفصيل السابق، وراجعي أحوال الطلاق في الغضب في الفتوى رقم: 1496.

وطلاق الحامل نافذ, وهو طلاق للسنة باتفاق العلماء، قال ابن عبد البر: لا نعلم خلافًا أن طلاق الحامل إذا تبين حملها طلاق سنة إذا طلقها واحدة، وأن الحمل كله موضع للطلاق. انتهى.

ولا كفارة على زوجك، وإنما عليه أن يتعقل قبل الإقدام على الطلاق، وعليه أن يجاهد نفسه في كف جماح الغضب فإنه يقوده إلى ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني