الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التائب من الذنب كمن لا ذنب له

السؤال

أنا فتاة من سوريا، حافظة لكتاب الله كاملا، ومن أسرة محافظة ومحترمة دائما وأحب الخير للجميع، وجميع الناس يحترمونني، ويرونني فتاة في قمة الأخلاق.
القصة باختصار شديد أني غلطت بالماضي مع شاب استغل ضعفي لا أريد تبرئة نفسي لكنه فعلا استغل ضعفي بسبب حالتي النفسية لبعض المشاكل، قابلته وحدث بيننا تقبيل وحضن، بوجود الملابس كاملة طبعا، كانت تلك المرة الوحيدة التي كلمت فيها شابا وأخطأت هكذا، أنا كل يوم أموت ألف موتة على تلك الذكرى البشعة القبيحة، خصوصا أن كل الناس يعتقدون أني قديسة وأني قمة في الأخلاق، أنا فعلا أحب الخير للكل وأساعد الجميع، وأحاول دائما أن أتقرب من الله، لكني سأموت من القهر من بشاعة تلك الذكرى، كيف رضيت على نفسي؟ كيف أشعر بأني أتعس مخلوقة على الكرة الأرضية، أقسم بالله العظيم عندما غلطت ذلك الغلط، لم أكن أريد أن أخطأ وأفعل هذا؛ لكنه استغل ضعفي واستغل بأني بحاجة لأحد، لم أكن أريد أن أخطئ - أقسم بالله - هل أعتبر زانية؟ وهل صحيح بأني لن أتزوج بالمستقبل إلا زانيا؟ "الطيبون للطيبات" أليس كذلك؟ هل من الممكن أن أتزوج شابا طاهرا عفيفا وشريفا لم يخطئ أبدا في حياته؟ أم هذا مستحيل؟ لأن الطيبين للطيبات؟ وما مقياس الطيبة في تلك الآية؟ أقسم بالله أني أريد أن أبني بيتا إسلاميا أريد أن أربي أبنائي أفضل تربية، أريد أن آخذ بيد زوجي إلى الجنة، أريد أن أطبق كل آية من القرآن، أريد أن أدخل الجنة، تعبت تعبت تعبت من التفكير، تعبت من فكرة أنه مستحيل أن أتزوج إنسانا صالحا لأني غلطت بالماضي، تعبت من فكرة أني سأتزوج زانيا، تعبت من فكرة أني لن أتزوج عفيفا طاهرا، أنا من داخلي أحب الخير وأكره أكره أكره الشر والغلط والعلاقات المحرمة، وعندما أسمع أنه هناك شاب وفتاة بينها علاقة محرمة أنزعج جدا جدا جدا، أريد الصلاح للجميع، لما غلطت في الماضي كان وضعي صعبا، وكنت شبه غير واعية، وكانت الدنيا تأخذني وكأني منومة مغناطيسيا، تعبت.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهوني عليك أيتها الأخت الكريمة، وأحسني ظنك بربك تعالى، واعلمي أنه سبحانه غفور رحيم، وما دمت قد تبت من هذا الذنب توبة نصوحا كما يظهر من سؤالك، فإن توبتك تمحو عنك أثر ذلك الذنب، وتكونين كمن لم يذنب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، فدعي عنك هذه الأفكار وأقبلي على ربك تعالى، واجتهدي في عبادته وسليه من فضله الواسع، وهو سبحانه قادر على أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك، وثقي بالله، وأنه سيرزقك الزوج الصالح العفيف الذي يكون فيه الخير لك إن شاء الله، وما فعلته عده الشرع زنى لأنه من مقدماته، لكن ليس هو الزنى الذي يوجب الحد، ولست بذلك زانية، وإن كان ذلك ذنبا بلا شك، ولكن ما دمت قد تبت فإن التوبة تمحو كل الذنوب مهما عظمت كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وأنت والحال ما ذكر من توبتك وحبك للخير وحرصك عليه من الطيبات اللائي يرجى أن يرزقهن الله بالطيبين من أمثالهن، فكفي عن هذه الخواطر، واشتغلي بعبادة ربك، واجتهدي في دعائه، والتقرب إليه، وافعلي الخير ما استطعت؛ فإن ربك شكور حليم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني