الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير آيات الإشهاد على الوصية من سورة المائدة

السؤال

أرجو تفسير الآيات من:106حتى: 108ـ من سورة المائدة تفسيرا ميسرا واضحا بينا، فقد قرأت تقسيرها عدة مرات فكان عسيرا لم أفهمه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالآيات المشار إليها جاءت في سياق تعليم القرآن الكريم للمؤمنين وإرشادهم وهدايتهم إلى ما يصلح دينهم ودنياهم وتلبية لحاجتهم إلى ذلك بعد قيام مجتمعهم في المدينة المنورة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ... ومعناها، كما قال الجزائري في أيسر التفاسير: ينادي الله تعالى عباده المؤمنين فيقول: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذ حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم ـ أي ليشهد اثنان: ذوا عدل منكم ـ أي من المسلمين على وصية أحدكم إذا حضرته الوفاة، أو ليشهد اثنان من غيركم أي من غير المسلمين: إن أنتم ضربتم في الأرض ـ أي كنتم مسافرين ولم يوجد مع من حضره الموت في السفر إلا كافر، فإن ارتبتم في صدق خبرهما وصحة شهادتهما فاحبسوهما أي أوقفوهما بعد صلاة العصر في المسجد ليحلفا لكم فيقسمان بالله فيقولان والله لا نشتري بأيماننا ثمناً قليلاً، ولو كان المقسم عليه أو المشهود عليه ذا قربى أي قرابة: ولا نكتم شهادة الله، إنا إذاً ـ أي إذا كتمنا شهادة الله: لمن الآثمين، فإن عثر على أنهما استحقا إثماً ـ أي وإن وجد أن الذين حضرا الوصية وحلفا على صدقهما فيما وصاهما به من حضره الموت إن وجد عندهما خيانة أو كذب فيما حلفا عليه: فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله ـ قائلين والله: لشهادتنا أحق من شهادتهما ـ أي لأيماننا أصدق وأصح من أيمانهما: وما اعتدينا ـ أي عليهما باتهام باطل، إذ لو فعلنا ذلك لكنا من الظالمين، فإذا حلفا هذه اليمين استحقا ما حلفا عليه ورد إلى ورثة الميت ما كان قد أخفاه وجحده شاهدا الوصية عند الموت، قال تعالى: ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ـ أي أقرب إلى أن يأتوا بالشهادة عادلة لا حيف فيها ولا جور، وقوله: أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ـ أي وأقرب إلى أن يخافوا أن ترد أيمانهم فلا يكذبوا خوف الفضيحة، وقوله تعالى: واتقوا الله ـ أي خافوه أيها المؤمنون، فلا تخرجوا عن طاعته: واسمعوا ـ ما تؤمرون به واستجيبوا لله فيه، فإن الله لا يهدي إلى سبيل الخير والكمال الفاسقين الخارجين عن طاعته، فاحذروا الفسق واجتنبوه.

وقال السعدي في تفسيره: وحاصل هذا أن الميت ـ إذا حضره الموت في سفر ونحوه، مما هو مظنة قلة الشهود المعتبرين ـ أنه ينبغي أن يوصي شاهدين مسلمين عدلين، فإن لم يجد إلا شاهدين كافرين جاز أن يوصي إليهما، فإن لم يصدقوهما ووجدوا قرينة تدل على كذب الشاهدين، فإن شاء أولياء الميت فليقم منهم اثنان فيقسمان باللَّه: لشهادتنا أحق من شهادة الشاهدين الأولين، وأنهما خانا وكذبا، فيستحقون منهما ما يدّعون، وهذه الآيات الكريمة نزلت في قصة تميم الداري وعدي بن بداء المشهورة حين أوصى لهما العدوي.

ومما يعينك على فهم هذه الآيات معرفة سبب نزولها، وبإمكانك أن تطلع عليه وعلى قصته كاملة في كتب التفسير وأسباب النزول للواحدي والسيوطي. لأن معرفة سبب النزول معينة على التأويل، كما يقول أهل التفسير.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني