الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصورة الصحيحة لبيع المرابحة للآمر بالشراء

السؤال

السؤال: حول شرعية التعامل مع مصرف الزيتونة بتونس لشراء شقة: باعتباري حريفا للمصرف أختار شقة وأتصل بصاحبها للاتفاق على الثمن ثم أقدم ملفا للمصرف فيه الأوراق التي تثبت الملكية لصاحب الشقة، وأتصل بالبائع وأطلب أوراقه الأصلية التي تثبت ملكيته للشقة إلى جانب بعض الأوراق الخاصة بي: ترسيم العمل + الدخل الشهري والسنوي... ثم بعد دراسة الملف قانونيا من طرف المصرف والحصول على الموافقة المبدئية يطلب المصرف مني الاتصال بأي خبير عقاري معترف به لدى المحاكم للحصول على شهادة بقيمة العقار ـ لا يقوم المصرف بالاطلاع الميداني على الشقة والتثبت من الثمن المقدم، وإنما يعتمد شهادة الخبير لتقييم الثمن ـ ثم بعد الاتفاق بيني وبين المصرف حول الثمن بالتقسيط والمدة وقيمة التسبقة، فمثلا ثمن الشقة بالحاضر100.000 دينار يطلب مني المصرف تسبقة ب 20.000 دينار ويقول لي بقي لديك 80.000 دينار يتم تقسيطها على 10 سنوات مع ربح معلوم بقسط شهري 1000 دينار، وبالتالي يتم إرجاع 120.000 عوضا عن 80.000، وعند الاتفاق على ذلك ضمن جدول أمضي عليه وأعترف بالموافقة مني على قيمة الأقساط والمدة، أقوم بدفع التسبقة للمصرف، وفي الأخير يتم استدعاء البائع واستدعائي من طرف المصرف الذي يقوم بعقد شراء مع البائع وتصبح الشقة قانونيا على ملك المصرف، ثم مباشرة يتم عقد شراء بيني وبين المصرف، مع العلم أن المصرف يشترط تأمينا الشقة تأمينا تكافليا ورهنها للمصرف حتى دفع جميع الأقساط.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعاملة المسئول عنها يمكن أن تكون مرابحة للآمر بالشراء والتي تجريها البنوك الإسلامية عادة، وقد بينا ضوابط بيع المرابحة في الفتوى رقم: 51801، وإحالاتها.

وعلى هذا، فإن كان ما يحصل بين المصرف والعميل قبل شراء المصرف للشقة إنما هو مجرد مواعدة، فلا حرج في ذلك، أما إن كان الاتفاق بينهما هو عقد شراء ملزم، فهذا لا يجوز، لكونه وقع قبل تملك المصرف للشقة، فيكون المصرف قد باع ما لا يملك، ثم إنه يشترط لجواز بيع المصرف للشقة أن يقبضها أولا، ويحصل القبض بالتخلية ورفع يد بائعها عنها، وانظر الفتوى رقم: 59810.

كما يجب وجود فاصل زمني بين شراء المصرف للشقة من البائع وشرائك لها من المصرف، وقد جاء في المعايير الشرعية: الغرض من اشتراط قبض السلعة هو تحمل المؤسسة تبعة هلاكها، وذلك يعني أن تخرج السلعة من ذمة البائع وتدخل في ذمة المؤسسة، ويجب أن تتضح نقطة الفصل التي ينتقل فيها ضمان السلعة من المؤسسة إلى العميل المشتري، وذلك من خلال مراحل انتقال السلعة من طرف لآخر.

وجاء فيها أيضا: يجب الفصل بين الضمانين، ضمان المؤسسة وضمان العميل الوكيل عن المؤسسة في شراء السلعة لصالحها، وذلك بتخلل مدة بين تنفيذ الوكالة وإبرام عقد المرابحة للآمر بالشراء من خلال الإشعار من العميل بتنفيذ الوكالة والشراء، ثم الإشعار من المؤسسة بالبيع. اهـ.

وعلى ذلك، فإن استكملت المرابحة ضوابط صحتها على النحو الذي فصلناه، فحينئذ تجوز المعاملة المذكورة، وإلا فلا ولا تشترط على الراجح معاينة المصرف للشقة إذا وصفت وصفا يزيل الجهالة، وانظر الفتوى رقم: 62802، وما أحيل عليه فيها.
وأما بخصوص أخذ المصرف لمبلغ مالي كضمان لجدية العميل في الشراء: فهذا بمجرده لا حرج فيه، كما بينا في الفتويين رقم: 160313، ورقم: 149087

ويجوز للبنك الاتفاق مع العميل عند إبرام بيع المرابحة أن يحسم هذا المبلغ كدفعة أولى من الثمن، وكذلك لا حرج في التأمين إن كان تكافليا، وانظر الفتوى رقم: 190599، وما أحيل عليه فيها

وأيضا لا حرج في رهن الشقة للمصرف حتى استيفاء أقساطها، وانظر الفتوى رقم: 103487.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني